باب
قول الله (عزوجل): (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) (١).
فأخبر بأن الخلق صار مكونا مسخرا بأمره ، ثم فصل الأمر من الخلق فقال : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢).
قال سفيان بن عيينة : بين الله (تعالى) الخلق من الأمر فقال : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٣).
وقال : (الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (٤).
فلم يجمع القرآن مع الإنسان في الخلق ، بل أوقع اسم الخلق على الإنسان ، والتعليم على القرآن. وقوله (جل وعلا) : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥). فوكد القول بالتكرار ، ووكد المعنى بإنما. وأخبر أنه إذا أراد خلق شيء ، قال له : «كن». ولو كان قوله مخلوقا ، لتعلق بقول آخر ، وكذلك حكم ذلك القول حتى يتعلق بما لا يتناهى. وذلك يوجب استحالة وجود القول. وذلك محال. فوجب أن يكون القول أمرا أزليا
__________________
(١) سورة الأعراف آية ٥٤.
(٢) سورة الأعراف آية ٥٤.
(٣) سورة الأعراف آية ٥٤.
(٤) سورة الرحمن الآيات ١ ـ ٤.
(٥) سورة النحل آية ٤٠.