قال الحليمي في معنى الرب : هو المبلغ كل ما أبدع حد كماله الذي قدره له ، فهو يسل النطفة من الصلب ، ثم يجعلها علقة ، ثم العلقة مضغة ، ثم يخلق المضغة عظاما ، ثم يكسو العظم لحما ، ثم يخلق في البدن الروح ، ويخرجه خلقا آخر. وهو صغير ضعيف ، فلا يزال ينميه وينشيه حتى يجعله رجلا ، ويكون في بدء أمره شابا ، ثم يجعله كهلا ، ثم شيخا. وهكذا كل شيء خلقه. فهو القائم عليه والمبلغ إياه الحد الذي وضعه له ، وجعله نهاية ومقدارا له.
وقال أبو سليمان فيما أخبرت عنه : روى عن غير واحد من أهل التفسير في قوله (جل وعلا) : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١). إن معنى الرب السيد. وهذا يستقيم إذا جعلنا العالمين معناه المميزون دون الجماد ، لأنه لا يصح أن يقال : سيد الشجر والجبال ونحوها كما يقال : سيد الناس ، ومن هذا قوله : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) (٢). أي إلى سيدك.
وقيل : إن الرب المالك. وعلى هذا تستقيم الإضافة إلى العموم. وذهب كثير منهم إلى أن سم العالم يقع على جميع المكونات. واحتجوا بقوله سبحانه وتعالى : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ* قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) (٣).
ومنها : (المبدئ المعيد): وقد رويناهما في خبر الأسامي.
قال أبو سليمان : المبدئ الذي أبدأ الإنسان. أي أبدأه مخترعا ، فأوجده عن عدم. يقال : بدأ وأبدأ وابتدأ بمعنى واحد. والمعيد الذي يعيد الخلق بعد
__________________
ـ عامر بن سعد ، عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : وذكره ورواه الإمام أحمد في المسند ١ : ٢٠٨ (حلبي).
(١) سورة الفاتحة آية ١.
(٢) سورة يوسف آية ٥٠.
(٣) سورة الشعراء الآيتان ٢٣ ـ ٢٤.