يعمر : «ولات حين» بفتح التاء ورفع النون. قال ابن عباس : ليس حين يروه فرار. وقال عطاء : في لغة أهل اليمن «لات» بمعنى «ليس». وقال وهب بن منبّه : هي بالسّريانيّة. وقال الفرّاء : «لات» بمعنى «ليس» ، فالمعنى : ليس بحين فرار. ومن القرّاء من يخفض «لات» ، والوجه النّصب ، لأنها في معنى «ليس» ؛ أنشدني المفضّل :
تذكّر حبّ ليلى لات حينا |
|
وأضحى الشّيب قد قطع القرينا |
قال ابن الأنباري : كان الفرّاء والكسائيّ والخليل وسيبويه والأخفش وأبو عبيدة يذهبون إلى أنّ التاء في قوله تعالى : «ولات» منقطعة من «حين» ، قال : وقال أبو عبيدة : الوقف عندي على هذا الحرف «ولا» ، والابتداء «تحين» لثلاث حجج : إحداهنّ : أنّ تفسير ابن عباس يشهد لها ، لأنه قال : ليس حين يروه فرار ؛ فقد علم أنّ «ليس» هي أخت «لا» وبمعناها. والحجّة الثانية : أنّا لا نجد في شيء من كلام العرب «ولات» ، إنما المعروفة «لا». والحجّة الثالثة : أنّ هذه التاء ، إنما وجدناها تلحق مع «حين» ومع «الآن» ومع ال «أوان» ، فيقولون : كان هذا تحين كان ذلك ، وكذلك : «تأوان» ، ويقال : اذهب تلان ، ومنه قول أبي وجزة السّعدي :
العاطفون تحين ما من عاطف |
|
والمطعمون زمان ما من مطعم |
وذكر ابن قتيبة عن ابن الأعرابي أنّ معنى هذا البيت : «العاطفونه» بالهاء ، ثم تبتدئ : «حين ما من عاطف» ؛ قال ابن الأنباري : وهذا غلط ، لأنّ الهاء إنما تقحم على النّون في مواضع القطع والسّكون ، فأمّا مع الاتّصال ، فإنه غير موجود ، وقال عليّ بن أحمد النّيسابوري : النّحويّون يقولون في قوله تعالى : «ولات» : هي «لا» زيدت فيها التاء كما قالوا : ثمّ وثمّت ، وربّ وربّت ، وأصلها هاء وصلت ب «لا» ، فقالوا : «لاه» فلمّا وصلوها ، جعلوها تاء ؛ والوقف عليها بالتاء عند الزّجّاج ؛ وأبي عليّ ، وعند الكسائيّ بالهاء ، وعند أبي عبيد الوقف على «لا». فأمّا المناص ، فهو الفرار. قال الفرّاء : النّوص في كلام العرب : التّأخّر ، والبوص : التّقدّم ، قال امرؤ القيس :
أمن ذكر سلمى إذ نأتك تنوص |
|
فتقصر عنها خطوة وتبوص |
وقال أبو عبيدة : المناص : مصدر ناص ينوص ، وهو المنجى والفوز.
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١))
__________________
جوز النصب بها ، وأهل اللغة يقولون : النّوص : التأخر ، والبوص : التقدم. ولهذا قال تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ، أي : ليس الحين حين فرار ولا ذهاب اه.