كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ
فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ، رواه عطاء عن ابن عباس. والثاني : آدم عليهالسلام ، قاله سعيد بن جبير ، والسّدّيّ في آخرين. والثالث : أنه اسم جنس ، قاله عليّ بن أحمد النّيسابوري ؛ فعلى هذا
يدخل النّضر بن الحارث وغيره في هذا وإن كانت الآية نزلت فيه.
فأمّا من قال :
أريد به آدم ، ففي معنى الكلام قولان : أحدهما : أنه خلق عجولا ، قاله الأكثرون. فعلى هذا يقول : لمّا طبع
آدم على هذا المعنى ، وجد في أولاده ، وأورثهم العجل. والثاني : خلق بعجل ، استعجل بخلقه قبل غروب الشمس من يوم الجمعة ،
وهو آخر الأيام الستة ، قاله مجاهد. فأمّا من قال : هو اسم جنس ، ففي معنى الكلام
قولان : أحدهما
: خلق عجولا ؛ قال
الزّجّاج : خوطبت العرب بما تعقل ، والعرب تقول للذي يكثر منه اللعب : إنما خلقت
من لعب ، يريدون المبالغة في وصفه بذلك. والثاني : أنّ في الكلام تقديما وتأخيرا ، والمعنى : خلقت العجلة في
الإنسان ، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى : (سَأُرِيكُمْ آياتِي) فيه قولان : أحدهما : ما أصاب الأمم المتقدّمة ؛ والمعنى : أنكم تسافرون فترون
آثار الهلاك في الماضين ، قاله ابن السّائب. والثاني : أنها القتل ببدر ، قاله مقاتل. قوله تعالى : (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) أثبت الياء في الحالتين يعقوب.
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) يعنون : القيامة. (لَوْ يَعْلَمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا) جوابه محذوف ، والمعنى : لو علموا صدق الوعد ما استعجلوا ،
(حِينَ لا يَكُفُّونَ) أي : لا يدفعون (عَنْ وُجُوهِهِمُ
النَّارَ) إذا دخلوا (وَلا عَنْ
ظُهُورِهِمْ) لإحاطتها بهم (وَلا هُمْ
يُنْصَرُونَ) أي : يمنعون مما نزل بهم ، (بَلْ تَأْتِيهِمْ) يعني : الساعة (بَغْتَةً) فجأة (فَتَبْهَتُهُمْ) تحيّرهم ؛ وقد شرحنا هذا عند قوله : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (فَلا يَسْتَطِيعُونَ
رَدَّها) أي : صرفها عنهم ، ولا هم يمهلون لتوبة أو معذرة. ثم عزّى
نبيّه ، فقال : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ
بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) أي : كما فعل بك قومك (فَحاقَ) أي : نزل (بِالَّذِينَ سَخِرُوا
مِنْهُمْ) أي : من الرّسل (ما كانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِؤُنَ) يعني : العذاب الذي كانوا استهزءوا به.
(قُلْ مَنْ
يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ
رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ
مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ
أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤)
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما
يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ
يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦))
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ) المعنى : قل لهؤلاء المستعجلين بالعذاب : من يحفظكم من بأس
الرّحمن إن أراد إنزاله بكم؟ وهذا استفهام إنكار ، أي : لا أحد يفعل ذلك ، (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ) أي : عن كلامه ومواعظه (مُعْرِضُونَ) لا يتفكّرون ولا يعتبرون. (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ
تَمْنَعُهُمْ مِنْ
__________________