(٩٤١) وروى أبيّ بن كعب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا». قال الرّبيع بن أنس : كان الغلام على الطريق لا يمرّ به أحد إلّا قتله أو غصبه ، فيدعو ذلك عليه وعلى أبويه. وقال ابن السّائب : كان الغلام لصّا ، فإذا جاء من يطلبه حلف أبواه أنه لم يفعل.
قوله تعالى : (فَخَشِينا) في القائل لهذا قولان : أحدهما : الله عزوجل. ثم في معنى الخشية المضافة إليه قولان : أحدهما : أنها بمعنى : العلم. قال الفرّاء : معناه : فعلمنا. والثاني : الكراهة ، قاله الأخفش ، والزّجّاج ، وقال ابن عقيل : المعنى : فعلنا فعل الخاشي. والثاني : أنه الخضر ، فتكون الخشية بمعنى الخوف للأمر المتوهّم ، قاله ابن الأنباري. وقد استدلّ بعضهم على أنه من كلام الخضر بقوله : (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما). قال الزّجّاج : المعنى : فأراد الله ، لأنّ لفظ الخبر عن الله تعالى هكذا أكثر من أن يحصى. ومعنى (يُرْهِقَهُما) : يحملهما على الرّهق ، وهو الجهل. قال أبو عبيدة : «يرهقهما» : يغشيهما. قال سعيد بن جبير : خشينا أن يحملهما حبّه على أن يدخلا في دينه. وقال الزجّاج : فرحا به حين ولد ، وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما ، فرضي امرؤ بقضاء الله ، فإنّ قضاء الله للمؤمن فيما يكره ، خير له من قضائه فيما يحب. قوله تعالى : (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما) قرأ ابن كثير ، وأبو بكر عن عاصم : «أن يبدلهما» بالتخفيف. وقرأ نافع ، وأبو عمرو بالتشديد. قوله تعالى : (خَيْراً مِنْهُ زَكاةً) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : دينا ، قاله ابن عباس. والثاني : عملا ، قاله مقاتل. والثالث : صلاحا ، قاله الفرّاء. قوله تعالى : (وَأَقْرَبَ رُحْماً) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائيّ : «رحما» ساكنة الحاء ، وقرأ ابن عامر : «رحما» مثقّلة. وعن أبي عمرو كالقراءتين. وقرأ ابن عباس ، وابن جبير ، وأبو رجاء : «رحما» بفتح الراء ، وكسر الحاء. وفي معنى الكلام قولان : أحدهما : أوصل للرّحم وأبرّ للوالدين ، قاله ابن عباس ، وقتادة. وقال الزّجّاج : أقرب عطفا وأمسّ بالقرابة. ومعنى الرّحم والرّحم في اللغة : العطف والرّحمة ، قال الشاعر :
وكيف بظلم جارية |
|
ومنها اللّين والرّحم (١) |
والثاني ؛ أقرب أن يرحما به ، قاله الفرّاء ، وفيما بدّلا به قولان : أحدهما : جارية ، قاله الأكثرون. وروى عطاء عن ابن عباس ، قال : أبدلهما به جارية ولدت سبعين نبيّا. والثاني : غلام مسلم ، قاله ابن جريج.
قوله تعالى : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) يعني : القرية المذكورة في قوله تعالى : (أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ) ، قال مقاتل : واسمهما : أصرم ، وصريم.
قوله تعالى : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) فيه ثلاثة أقوال (٢) :
____________________________________
(٩٤١) صحيح. أخرجه مسلم ٢٣٨٠ ح ١٧٢ عن محمد بن عبد الأعلى عن معتمر به مطولا. وأخرجه أبو داود ٤٧٠٥ ، وأحمد ٥ / ١٢١ ، وابن حبان ٦٢٢١ من طرق عن معتمر به. وأخرجه أبو داود ٤٧٠٦ والترمذي ٣١٥٠ من طريقين عن أبي إسحاق به. وكلهم عن ابن عباس عن أبي بن كعب به.
__________________
(١) البيت في «اللسان» ـ رحم ـ و «تفسير القرطبي» بدون نسبة.
(٢) قال الطبري رحمهالله ٨ / ٢٦٩ : وأولى التأولين في ذلك بالصواب ، القول الذي قاله عكرمة ، لأن المعروف