(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) (١) أي : أجعلتم صاحب سقاية الحاج. وقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٢) ، أي : أهلها. وقوله : (إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ) (٣) ، أي : ضعف عذاب الحياة. وقوله : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ) (٤) ، أي : بيوت صلوات. وقوله : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٥) ، أي : مكركم فيهما. وقوله : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) (٦) ، أي : أهله. ومن هذا قول الشاعر :
أنبئت أنّ النّار بعدك أوقدت |
|
واستبّ بعدك يا كليب المجلس |
أي : أهل المجلس ، وقال الآخر :
وشرّ المنايا ميّت بين أهله
أي : وشرّ المنايا منيّة ميّت بين أهله.
قوله تعالى : (قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ) ، أي : أن تكذّبوا المرسلين ، وتقتلوا النبيّين بغير حقّ ، وتكتموا الهدى. قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، في «إن» قولان :
أحدهما : أنها بمعنى : الجحد ، فالمعنى : ما كنتم مؤمنين إذ عصيتم الله ، وعبدتم العجل.
والثاني : أن تكون «إن» شرطا معلّقا بما قبله ، فالمعنى : إن كنتم مؤمنين ؛ فبئس الإيمان إيمان يأمركم بعبادة العجل وقتل الأنبياء ، ذكرهما ابن الأنباريّ.
(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦))
قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) ، كانت اليهود تزعم أن الله تعالى لم يخلق الجنّة إلا لإسرائيل وولده ، فنزلت هذه الآية. ومن الدليل على علمهم بأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم صادق ، أنهم ما تمنّوا الموت ، وأكبر الدليل على صدقه أنه أخبر أنهم لا يتمنّونه بقوله تعالى : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ) فما تمنّاه أحد منهم. والذي قدمته أيديهم : قتل الأنبياء وتكذيبهم ، وتبديل التوراة.
قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) ، اللام : لام القسم ، والنون توكيد له ، والمعنى : ولتجدنّ اليهود في حال دعائهم إلى تمنّي الموت أحرص الناس على حياة ، وأحرص من الذين أشركوا.
وفي (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) قولان : أحدهما : أنهم : المجوس ، قاله ابن عبّاس ، وابن قتيبة والزّجّاج. والثاني : مشركو العرب ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) ، في الهاء والميم من «أحدهم» قولان : أحدهما : أنها تعود على الذين أشركوا ، قاله الفرّاء. والثاني : ترجع إلى اليهود ، قاله مقاتل.
__________________
(١) التوبة : ١٩.
(٢) يوسف : ٨٢.
(٣) الإسراء : ٧٥.
(٤) الحج : ٤٠.
(٥) سبأ : ٣٠.
(٦) العلق : ١٧.