عباس : لم يحيوا على الأرض إلا ثلاثة أيّام ، ولم يحي مسخ في الأرض فوق ثلاثة أيام ، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل. وزعم مقاتل أنهم عاشوا سبعة أيام ، وماتوا في اليوم الثامن ، وهذا كان في زمان داود عليهالسلام.
قوله تعالى : (خاسِئِينَ) : الخاسئ في اللغة : المبعد ، يقال للكلب : اخسأ ، أي : تباعد.
(فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦))
قوله تعالى : (فَجَعَلْناها). في المكنيّ عنها أربعة أقوال : أحدها : أنها الخطيئة ، رواه عطية عن ابن عباس. والثاني : العقوبة ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس. وقال الفرّاء : الهاء كناية عن المسخة التي مسخوها. والثالث : أنها القرية ، والمراد أهلها ، قاله قتادة وابن قتيبة. والرابع : أنها الأمّة التي مسخت ، قاله الكسائيّ ، والزّجّاج. وفي النّكال قولان : أحدهما : أنه العقوبة ، قاله مقاتل. والثاني : العبرة ، قاله ابن قتيبة والزّجّاج.
قوله تعالى : (لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) ، فيه ثلاثة أقوال : أحدها : لما بين يديها من القرى وما خلفها ، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني : لما بين يديها من الذنوب ، وما خلفها : ما عملوا بعدها ، رواه عطية عن ابن عباس. والثالث : لما بين يديها من السنين التي عملوا فيها بالمعاصي ، وما خلفها : ما كان بعدهم في بني إسرائيل لئلا يعملوا بمثل أعمالهم ، قاله عطية.
وفي المتّقين قولان : أحدهما : أنه عامّ في كل متّق إلى يوم القيامة ، قاله ابن عباس. والثاني : أن المراد بهم أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم ، قاله السّدّيّ عن أشياخه ، وذكره عطية وسفيان.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨))
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً).
ذكر السبب في أمرهم بذبح البقرة
روى ابن سيرين عن عبيدة قال : كان في بني إسرائيل رجل عقيم لا يولد له ، وله مال كثير ، وكان ابن أخيه وارثه ، فقتله واحتمله ليلا ، فأتى به حيّا آخرين ، فوضعه على باب رجل منهم ، ثم أصبح يدّعيه حتى تسلّحوا ، وركب بعضهم إلى بعض ، فأتوا موسى فذكروا له ذلك ، فأمرهم بذبح البقرة. وروى السّدّيّ عن أشياخه أن رجلا من بني إسرائيل كانت له بنت وابن أخ فقير ، فخطب إليه ابنته ، فأبى ، فغضب وقال : والله لأقتلنّ عمي ، ولآخذنّ ماله ولأنكحنّ ابنته ، ولآكلنّ ديته ، فأتاه فقال : قد قدم تجّار في بعض أسباط (١) بني إسرائيل ، فانطلق معي فخذ لي من تجارتهم لعلّي أصيب فيها ربحا ، فخرج معه ، فلما بلغا ذلك السّبط ، قتله الفتى ، ثم رجع ، فلما أصبح ، جاء كأنه يطلب عمّه لا يدري أين هو ،
__________________
(١) في «اللسان» : السّبط من اليهود كالقبيلة من العرب.