قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) يعني : إذا قيل لهؤلاء المشركين الذين حرّموا على أنفسهم هذه الأنعام : (تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) في القرآن من تحليل ما حرّمتم على أنفسكم ، قالوا : (حَسْبُنا) أي : يكفينا (ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من الدّين والمنهاج (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً) من الدّين (وَلا يَهْتَدُونَ) له ، أيتّبعونهم في خطئهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) في سبب نزولها قولان :
(٤٨١) أحدهما : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كتب إلى هجر ، وعليهم المنذر بن ساوى يدعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا فليؤدّوا الجزية ، فلمّا أتاه الكتاب ، عرضه على من عنده من العرب واليهود والنّصارى والمجوس ، فأقرّوا بالجزية ، وكرهوا الإسلام ، فكتب إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمّا العرب فلا تقبل منهم إلّا الإسلام أو السّيف ، وأمّا أهل الكتاب والمجوس ، فاقبل منهم الجزية» فلمّا قرأ عليهم كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسلمت العرب ، وأعطى أهل الكتاب والمجوس الجزية ، فقال منافقو مكّة : عجبا لمحمّد يزعم أنّ الله بعثه ليقاتل الناس كافّة حتى يسلموا ، وقد قبل من مجوس هجر ، وأهل الكتاب الجزية ، فهلا أكرههم على الإسلام ، وقد ردّها على إخواننا من العرب ، فشقّ ذلك على المسلمين ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
(٤٨٢) وقال مقاتل : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يقبل الجزية إلّا من أهل الكتاب فلمّا أسلمت العرب طوعا وكرها ، قبلها من مجوس هجر ، فطعن المنافقون في ذلك ، فنزلت هذه الآية.
والثاني : أنّ الرجل كان إذا أسلم ، قالوا له : سفّهت آباءك وضلّلتهم ، وكان ينبغي لك أن تنصرهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن زيد (١).
قال الزجّاج : ومعنى الآية : إنّما ألزمكم الله أمر أنفسكم ، ولا يؤاخذكم بذنوب غيركم ، وهذه الآية لا توجب ترك الأمر بالمعروف ، لأنّ المؤمن إذا تركه وهو مستطيع له ، فهو ضالّ ، وليس بمهتد. وقال عثمان بن عفّان : لم يأت تأويلها بعد. وقال ابن مسعود : تأويلها في آخر الزّمان : قولوا ما قبل منكم ، فإذا غلبتم ، فعليكم أنفسكم. وفي قوله تعالى : (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قولان :
____________________________________
(٤٨١) لا أصل له. عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس. وكذا عزاه الواحدي في «أسباب النزول» ٤٢٠ للكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وهذا إسناد ساقط ، الكلبي يضع الحديث ، وأبو صالح غير ثقة في ابن عباس ، وقد رويا تفسيرا مصنوعا ونسباه لابن عباس ، راجع ترجمتهما في «الميزان» وهذا المتن أمارة الوضع لائحة عليه.
(٤٨٢) عزاه المصنف لمقاتل ، وهو ابن سليمان حيث أطلق ، وهو ممن يضع الحديث ، فهذا خبر لا شيء.
__________________
(١) عزاه المصنف لابن زيد ، واسمه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو واه إذا وصل الحديث ، فكيف إذا أرسله؟! فهذا خبر لا شيء.