(قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠))
قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ).
(٤٧٦) روى جابر بن عبد الله أنّ رجلا قال : يا رسول الله إنّ الخمر كانت تجارتي ، فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله؟ فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله لا يقبل إلّا الطّيّب» فنزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي الخبيث والطّيب أربعة أقوال : أحدها : الحلال والحرام ، قاله ابن عباس ، والحسن. والثاني : المؤمن والكافر ، قاله السّدّيّ. والثالث : المطيع والعاصي. والرابع : الرّديء والجيد ، ذكرهما الماورديّ. ومعنى الإعجاب هاهنا : السّرور بما يتعجّب منه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١))
قوله تعالى : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) في سبب نزولها ستة أقوال :
(٤٧٧) أحدها : أن الناس سألوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم حتى أحفوه بالمسألة ، فقام مغضبا خطيبا ، فقال : «سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي هذا إلا بيّنته لكم» ، فقام رجل من قريش ، يقال له : عبد الله بن حذافة كان إذا لاحى (١) يدعى إلى غير أبيه ، فقال : يا نبيّ الله من أبي؟ قال : أبوك حذافة ، فقام آخر ، فقال : أين أبي؟ قال : في النّار ، فقام عمر فقال : رضينا بالله ربّا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمّد نبيّا ، وبالقرآن إماما ، إنّا حديثو عهد بجاهليّة ، والله أعلم من آباؤنا ، فسكن غضبه ، ونزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن أبي هريرة ، وقتادة عن أنس.
(٤٧٨) والثاني : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب الناس ، فقال : «إنّ الله كتب عليكم الحجّ ، فقام عكاشة
____________________________________
(٤٧٦) باطل. أخرجه الواحدي ٤١٧ والأصبهاني في «الترغيب» ١٢٣٥ عن جابر بن عبد الله ، وإسناده ساقط. فيه محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي وضّاع ، انظر ضعفاء ابن الجوزي ٣٢٥٤ و «الميزان» ٤ / ٧٢.
(٤٧٧) حديث صحيح. أما حديث أبي هريرة ، فأخرجه الطبري ١٢٨٠٦ ، وفيه قيس بن الربيع ، وهو غير قوي ، لكن للحديث شواهد كثيرة منها الآتي. وأما حديث أنس. فأخرجه البخاري ٤٦٢١ و ٤٣٦٢ و ٧٢٩٥ ومسلم ٢٣٥٩ والنسائي في «التفسير» ١٧٤ والترمذي ٣٠٥٦ وابن حبان ٦٤٢٩ والبغوي في «التفسير» ٨٣٩ من طرق عن أنس ، رووه بألفاظ متقاربة ، وطوله بعضهم. انظر «أحكام القرآن» ٨٠١ بتخريجنا.
(٤٧٨) صحيح. أخرجه مسلم ١٣٣٧ والنسائي ٥ / ١١٠ ـ ١١١ وأحمد ٢ / ٥٠٨ وابن حبان ٣٧٠٤ و ٣٧٠٥ والبيهقي ٤ / ٣٢٦ والدارقطني ٢ / ٢٨١ والطبري ١٢٨٠٩. وأخرجه الطبري ١٢٨٠٨ من طريق عبد الرحيم بن سليمان والدارقطني ٢ / ٢٨٢ عن محمد بن فضيل ، كلاهما عن إبراهيم بن مسلم الهجري ـ وهو ضعيف ـ عن أبي عياض عن أبي هريرة.
__________________
(١) لاحى : أي خاصم.