شرط ، وكان أبيّ ، وابن مسعود يقرآن : «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» وبه قال ابن عباس ، ومجاهد ، وطاوس ، وعطاء ، وقتادة ، وأبو حنيفة ، وهو قول أصحابنا. والثاني : ليس بشرط ، ويجوز التّفريق ، وبه قال الحسن ، ومالك. وللشّافعيّ فيه قولان.
قوله تعالى : (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) فيه إضمار تقديره : إذا حلفتم وحنثتم.
وفي قوله تعالى : (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) ثلاثة أقوال : أحدها : أقلّوا منها ، ويشهد له قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) ، وأنشدوا :
قليل الألايا حافظ ليمينه (١)
والثاني : احفظوا أنفسكم من الحنث فيها. والثالث : راعوها لكي تؤدّوا الكفّارة عند الحنث فيها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) في سبب نزولها أربعة أقوال :
(٤٦٧) أحدها : أن سعد بن أبي وقّاص أتى نفرا من المهاجرين والأنصار ، فأكل عندهم ، وشرب الخمر قبل أن تحرّم ، فقال : المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل لحي جمل فضربه ، فجدع أنفه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه.
(٤٦٨) وقال سعيد بن جبير : صنع رجل من الأنصار صنيعا ، فدعا سعد بن أبي وقّاص ، فلمّا أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبّوا ، فقام الأنصاريّ إلى لحي بعير ، فضرب به رأس سعد ، فإذا الدّم على وجهه ، فذهب سعد يشكو إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنزل تحريم الخمر في قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله تعالى : (تُفْلِحُونَ).
(٤٦٩) والثاني : أنّ عمر بن الخطّاب قال : اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت التي في «البقرة» فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت التي في النساء (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ميسرة عن عمر.
(٤٧٠) والثالث : أنّ أناسا من المسلمين شربوها ، فقاتل بعضهم بعضا ، وتكلّموا بما لا يرضاه الله من القول ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
____________________________________
(٤٦٧) صحيح. أخرجه مسلم ٤ / ١٨٧٧ ح ١٧٤٨ والواحدي ٤١٢ وأحمد ١ / ١٨١ ـ ١٨٥ والبيهقي ٨ / ٢٨٥ والطبري ١٢٥٢٢ و ١٢٥٢٣ من حديث سعد. وانظر «تفسير الشوكاني» ٨٥١ بتخريجنا.
(٤٦٨) هو مرسل ، لكن يشهد له ما قبله.
(٤٦٩) مضى في سورة البقرة ، وهو حديث حسن.
(٤٧٠) فيه انقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس ، لكن يشهد له ما تقدم.
__________________
(١) هو صدر بيت لكثير عزة وتمامه : وإن سبقت منه الألية برّت.