(٤٣٩) روى عياض الأشعريّ أنه لمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هم قوم هذا» يعني : أبا موسى.
والرابع : أنهم أهل اليمن ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس وبه قال مجاهد. والخامس : أنهم الأنصار ، قاله السّدّيّ. والسادس : المهاجرون والأنصار ، ذكره أبو سليمان الدّمشقيّ. قال ابن جرير : وقد أنجز الله ما وعد فأتى بقوم في زمن عمر كانوا أحسن موقعا في الإسلام ممّن ارتدّ.
قوله تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : أهل رقّة على أهل دينهم ، أهل غلظة على من خالفهم في دينهم. وقال الزجّاج : معنى «أذلّة» : جانبهم لين على المؤمنين ، لا أنّهم أذلّاء. (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) لأنّ المنافقين يراقبون الكفّار ، ويظاهرونهم ، ويخافون لومهم ، فأعلم الله عزوجل أنّ الصّحيح الإيمان لا يخاف في الله لومة لائم ، ثم أعلمك أنّ ذلك لا يكون إلا بتوفيقه ، فقال : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) يعني : محبّتهم لله ، ولين جانبهم للمسلمين ، وشدّتهم على الكافرين.
(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦))
قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال :
(٤٤٠) أحدها : أنّ عبد الله بن سلام وأصحابه جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : إنّ قوما قد أظهروا لنا العداوة ، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ، فنزلت هذه الآية ، فقالوا : رضينا
____________________________________
(٤٣٩) حسن. أخرجه الحاكم ٢ / ٣١٣ والطبري ١٢١٩٣ والطبراني ١٧ / ٣٧١ وابن سعد ٤ / ٨٠ من حديث عياض الأشعري ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي وقال الهيثمي في «المجمع» ١٠٩٧٦ : رجال الطبراني رجال الصحيح. ويشهد له ما أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٥ / ٣٥٢ من حديث أبي موسى ، وما أخرجه الطبراني في «الأوسط» ١٤١٤ من حديث جابر وقال الهيثمي ١٩٧٧ : إسناده حسن اه.
(٤٤٠) إسناده ضعيف جدا. بل موضوع. أخرجه الواحدي ٣٩٧ بهذا اللفظ ، وأتم ، عن محمد بن مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس وهذا إسناد ساقط ليس بشيء. محمد بن مروان هو السدي الصغير متروك متهم بالكذب ، وابن السائب هو الكلبي أقر على نفسه بالكذب ، راجع الميزان ، وأبو صالح اسمه باذام غير ثقة في ابن عباس ، والمتن باطل. وهذه السلسلة تعرف عند علماء الحديث بسلسلة الكذب.
وأخرجه عبد الرزاق كما في «تفسير ابن كثير» ٢ / ٩٢ ـ ٩٣ عن ابن عباس بنحوه. باطل ، قال ابن كثير : فيه عبد الوهاب بن مجاهد ، لا يحتج به اه. وقال الذهبي في «الميزان» ٢ / ٦٨٢ : قال يحيى : ليس يكتب حديثه وقال أحمد : ليس بشيء. وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال البخاري : يقولون : لم يسمع من أبيه اه. والظاهر أن هذا المتن سرقه من الكلبي فركبه على هذا الإسناد. وأخرجه الطبري ١٢٢١٩ عن مجاهد مرسلا ، وفيه غالب بن عبيد الله متروك. وكرره ١٢٢١٦ عن أبي جعفر بلاغا ، ومع ذلك هو معضل. وورد من حديث علي أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» ٢ / ٩٣ وورد من حديث عمار بن ياسر أخرجه الطبراني في «الأوسط» كما في «المجمع» ١٠٩٧٨. وقال الهيثمي : فيه من لم أعرفهم اه. وزاد ابن كثير نسبته لابن مردويه عن أبي رافع وقال ابن كثير : وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها ، وجهالة رجالها وانظر «تفسير الشوكاني» ٨١٥ و ٨١٦ بتخريجنا.