(٣٨٦) والثاني : أن اليهود والنّصارى أتوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : لا نبايعك حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنّك رسول الله ، وإلى فلان بكتاب أنّك رسول الله ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن جريج.
(٣٨٧) والثالث : أن اليهود سألوا النبيّ عليهالسلام أن ينزّل عليهم كتابا من السماء مكتوبا كما نزلت التّوراة على موسى ، هذا قول القرظيّ ، والسّدّي.
وفي المراد بأهل الكتاب قولان : أحدهما : اليهود والنّصارى. والثاني : اليهود. وفي المراد بالكتاب المنزّل من السماء قولان : أحدهما : كتاب مكتوب غير القرآن. والثاني : كتاب بتصديقه في رسالته. وقد بيّنا في البقرة معنى سؤالهم رؤية الله جهرة ، واتّخاذهم العجل. و (الْبَيِّناتُ) الآيات التي جاء بها موسى. فإن قيل : كيف قال : ثم اتّخذوا العجل ، و «ثم» تقتضي التّراخي ، والتّأخّر ، أفكان اتّخاذ العجل بعد قولهم : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)؟ فعنه أربعة أجوبة : ذكرهنّ ابن الأنباريّ. أحدهن : أن تكون «ثم» مردودة على فعلهم القديم ، والمعنى : وإذ وعدنا موسى أربعين فخالفوا أيضا ، ثم اتّخذوا العجل. والثاني : أن تكون مقدّمة في المعنى ، مؤخّرة في اللفظ ، والتقدير : فقد اتّخذوا العجل ، ثم سألوا موسى أكبر من ذلك ، ومثله (فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) (١) المعنى : فألقه إليهم ، ثم انظر ما ذا يرجعون ، ثم تولّ عنهم. والثالث : أن المعنى ، ثم كانوا اتّخذوا العجل ، فأضمر الكون. والرابع : أن ثم معناها التّأخير في الإخبار ، والتّقديم في الفعل ، كما يقول القائل : شربت الماء ، ثم أكلت الخبز ، يريد : شربت الماء ، ثم أخبركم أني أكلت الخبز بعد إخباري بشرب الماء.
قوله تعالى : (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) أي : لم نستأصل عبدة العجل. و «السّلطان المبين» : الحجّة البيّنة. قال ابن عباس : اليد والعصا. وقال غيره : الآيات التّسع.
(وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (١٥٤))
قوله تعالى : (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ) أي : بما أعطوا الله من العهد والميثاق : ليعملنّ بما في التّوراة. قوله تعالى : (لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) قرأ نافع : «لا تعدّوا» بتسكين العين وتشديد الدّال ، وروى عنه ورش «تعدّوا» بفتح العين وتشديد الدال ، وقرأ الباقون «تعدوا» خفيفة ، وقد ذكرنا هذا وغيره في البقرة. و «الميثاق الغليظ» : العهد المؤكّد.
____________________________________
(٣٨٦) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ١٠٧٧٦ عن ابن جريج ، وهذا معضل ، وما يرسله ابن جريج واه ، ليس بشيء.
قال الذهبي في «الميزان» ٢ / ٦٥٩ : قال الإمام أحمد : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة.
(٣٨٧) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٧٧٣ عن السدي مرسلا. وبرقم ١٠٧٧٤ عن كعب القرظي.
__________________
(١) سورة النمل : ٢٨.