تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عائشة عليهاالسلام.
(٣٧٧) والرابع : أن رجلا كانت له امرأة كبيرة ، وله منها أولاد ، فأراد طلاقها ، فقالت : لا تفعل ، واقسم لي في كل شهر إن شئت أو أكثر فقال : لئن كان هذا يصلح ، فهو أحبّ إليّ ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فذكر له ذلك ، فقال : «قد سمع الله ما تقول ، فإن شاء أجابك» ، فنزلت هذه الآية ، والتي بعدها ، رواه سالم الأفطس عن سعيد بن جبير.
والخامس : أنّ وليّ اليتيمة كان إذا رغب في مالها وجمالها لم يبسط لها في صداقها ، فنزلت هذه الآية ، ونهوا أن ينكحوهنّ ، أو يبلغوا بهنّ سنتهنّ من الصّداق ، ذكره القاضي أبو يعلى.
وقوله تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ) أي : يطلبون منك الفتوى ، وهي تبيين المشكل من الأحكام. وقيل : الاستفتاء : الاستخبار. قال المفسّرون : والذي استفتوه فيه ، ميراث النّساء ، وذلك أنهم قالوا : كيف ترث المرأة والصّبيّ الصّغير؟
قوله تعالى : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ) قال الزجّاج : موضع «ما» رفع ، المعنى : الله يفتيكم فيهنّ ، وما يتلى عليكم في الكتاب أيضا يفتيكم فيهنّ. وهو قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) الآية. والذي تلي عليهم في التّزويج قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) (١). وفي يتامى النّساء قولان : أحدهما : أنهنّ النّساء اليتامى ، فأضيفت الصّفة إلى الاسم ، كما تقول : يوم الجمعة. والثاني : أنهنّ أمّهات اليتامى ، فأضيف إليهنّ أولادهنّ اليتامى.
وفي الذي كتب لهنّ قولان : أحدهما : أنه الميراث ، قاله ابن عباس ، ومجاهد في آخرين. والثاني : أنه الصّداق. ثم في المخاطب بهذا قولان : أحدهما : أنهم أولياء المرأة كانوا يحوزون صداقها دونها. والثاني : وليّ اليتيمة ، كان إذا تزوّجها لم يعدل في صداقها.
وفي قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) قولان : أحدهما : وترغبون في نكاحهنّ رغبة في جمالهنّ ، وأموالهنّ ، هذا قول عائشة ، وعبيدة. والثاني : وترغبون عن نكاحهنّ لقبحهنّ ، فتمسكوهنّ رغبة في أموالهنّ ، وهذا قول الحسن.
قوله تعالى : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) قال الزجّاج : موضع «المستضعفين» خفض على قوله تعالى : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ) المعنى : وفي الولدان. قال ابن عباس : يريد أنهم لم يكونوا يورّثون صغيرا من الغلمان والجواري ، فنهاهم الله عن ذلك ، وبيّن لكلّ ذي سهم
____________________________________
الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها فأشركته في ماله حتى العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوّجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته ، فيعضلها فنزلت هذه الآية.
وقوله «فيعضلها» : أي لم يعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ، ولم يتركها تتصرف في نفسها ، فكأنه قد منعها.
(٣٧٧) لم أر من أسنده عن سعيد ، وهو مرسل ، والمرسل من قسم الضعيف ، وتقدم روايات كثيرة ، ليس فيها ما هو مرفوع لفظي ، والله أعلم.
__________________
(١) سورة النساء : ٣.