الزجّاج. وقرأ الحسن ويعقوب والمفضّل ، عن عاصم : «حصرة صدورهم» على الحال. و «حصرت» : ضاقت ، ومعنى الكلام : ضاقت صدورهم عن قتالكم للعهد الذي بينكم وبينهم ، أو يقاتلوا قومهم ، يعني قريشا. قال مجاهد : هلال بن عويمر هو الذي حصر صدره أن يقاتلكم ، أو يقاتل قومه. قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) قال الزجّاج : أخبر أنه إنما كفّهم بالرعب الذي قذف في قلوبهم. وفي (السَّلَمَ) قولان : أحدهما : أنه الإسلام ، قاله الحسن. والثاني : الصّلح ، قاله الرّبيع ، ومقاتل.
فصل : قال جماعة من المفسّرين : معاهدة المشركين وموادعتهم المذكورة في هذه الآية منسوخة بآية السّيف. قال القاضي أبو يعلى : لمّا أعزّ الله الإسلام أمروا أن لا يقبلوا من مشركي العرب إلّا الإسلام أو السّيف (١).
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١))
قوله تعالى : (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال :
(٣٣٠) أحدها : أنّها نزلت في أسد وغطفان ، كانوا قد تكلّموا بالإسلام ليأمنوا المؤمنين بكلمتهم ، ويأمنوا قومهم بكفرهم ، رواه أبو صالح ، عن ابن عباس.
والثاني : أنّها نزلت في بني عبد الدّار ، رواه الضّحّاك ، عن ابن عباس.
(٣٣١) والثالث : أنها نزلت في قوم أرادوا أخذ الأمان من النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقالوا : لا نقاتلك ولا نقاتل قومنا ، قاله قتادة.
(٣٣٢) والرابع : أنّها نزلت في نعيم بن مسعود الأشجعيّ ، كان يأمن في المسلمين والمشركين ،
____________________________________
(٣٣٠) ضعيف جدا ، فهو من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، والكلبي متروك متهم ، وأبو صالح روى عن ابن عباس مناكير.
(٣٣١) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٠٨٧ عن قتادة مرسلا.
وذكره السيوطي في «الدر» ٢ / ٣٤٣ وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣٣٢) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٠٨٨ عن السدي مرسلا.
وذكره السيوطي في «الدر» ٢ / ٣٤٣ وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
__________________
(١) قال الإمام الموفق في «المغني» ١٣ / ٢٠٣ ـ ٢٠٨ : ولا تقبل الجزية إلا من يهودي أو نصراني ، أو مجوسي ، إذا كانوا مقيمين على ما عوهدوا عليه. لأن الله تعالى أمر بقتالهم لهم حتى يعطوا الجزية ، أي يلتزموا أداءها ، فما لم يوجد ذلك ، يبقوا على إباحة دمائهم وأموالهم ، ومن سواهم ، فالإسلام أو القتل. هذا ظاهر مذهب أحمد. وروى عنه الحسن بن ثواب ، أنها تقبل من جميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب. لتغلظ كفرهم من وجهين ؛ دينهم وكونهم من رهط النبي صلىاللهعليهوسلم. وقال أبو حنيفة : تقبل من جميع الكفار إلا العرب لأنهم رهط النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلا يقرّون على غير دينه. وقال الشافعي : لا تقبل إلا من أهل الكتاب والمجوس ، وعن مالك : تقبل من جميعهم إلا مشركي قريش ، لأنهم ارتدّوا.