رسول الله صلىاللهعليهوسلم عتاب بن أسيد ، فكان نصيرا لهم ، ينصف الضعيف من القوي.
(الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (٧٦))
قوله تعالى : (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) الطّاغوت هاهنا في معنى جماعة ، كقوله (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ*) معناه : ولحم الخنازير. قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ) يعني : مكره وصنيعه (كانَ ضَعِيفاً) حيث خذل أصحابه يوم بدر.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧))
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) اختلفوا فيمن نزلت على قولين :
(٣١٦) أحدهما : أنها نزلت في نفر من المهاجرين ، كانوا يحبّون أن يؤذن لهم في قتال المشركين وهم بمكّة قبل أن يفرض القتال ، فنهوا عن ذلك ، فلما أذن لهم فيه ، كرهه بعضهم. روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وهو قول قتادة ، والسّدّيّ ، ومقاتل.
والثاني : أنها نزلت واصفة أحوال قوم كانوا في الزمان المتقدّم ، فحذّرت هذه الأمّة من مثل حالهم ، روى هذا المعنى عطيّة ، عن ابن عباس. قال أبو سليمان الدّمشقيّ : كأنه يومئ إلى قصة الذين قالوا : ابعث لنا ملكا. وقال مجاهد : هي في اليهود.
فأما كفّ اليد ، فالمراد به : الامتناع عن القتال ، ذلك كان بمكّة. و «كتب» بمعنى : فرض ، وذلك بالمدينة ، هذا على القول الأول.
قوله تعالى : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) في هذا الفريق ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم المنافقون. والثاني : أنهم كانوا مؤمنين ، فلما فرض القتال ، نافقوا جبنا وخوفا. والثالث : أنهم مؤمنون غير أنّ طبائعهم غلبتهم ، فنفرت نفوسهم عن القتال.
قوله : (يَخْشَوْنَ النَّاسَ) في المراد بالناس قولان : أحدهما : كفّار مكّة. والثاني : جميع الكفّار. قوله تعالى : (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) قيل : إن «أو» بمعنى الواو ، و «كتبت» بمعنى : فرضت. و «لولا» بمعنى «هلا» ، قال الفراء : إذا لم تر بعدها اسما فهي استفهام بمعنى هلا ، وإذا رأيت بعدها اسما مرفوعا ، فهي
____________________________________
(٣١٦) خبر منكر. وورد بذكر ابن عوف وجماعة ، لم يسم غير ابن عوف برواية عكرمة عن ابن عباس أخرجه النسائي ٦ / ٣ وفي «التفسير» ١٣٢ والحاكم ٢ / ٦٦ و ٣٠٧ والبيهقي ٩ / ١١ والواحدي ٣٣٩ ورجاله ثقات وصححه الحاكم على شرط البخاري ، ووافقه الذهبي ، مع أن في إسناده حسين بن واقد وهو من رجال مسلم فقط ، فهو على شرط مسلم ، ومع ذلك حسين بن واقد فيه ضعف ، وقد استنكر الإمام أحمد بعض ما ينفرد به ، وهذا الخبر غريب ، فإن ظاهر القرآن يدل على أن المخاطب بذلك فئة من المنافقين كابن سلول وأمثاله ، ولا يصح هذا السياق في أحد من المهاجرين السابقين والله أعلم.