(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(٣٠٢) أحدها : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لمّا فتح مكة ، طلب مفتاح البيت من عثمان بن أبي طلحة ، فذهب ليعطيه إيّاه ، فقال العباس : بأبي أنت وأمّي اجمعه لي مع السّقاية ، فكفّ عثمان يده مخافة أن يعطيه للعباس ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «هات المفتاح» فأعاد العباس قوله ، وكفّ عثمان ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أرني المفتاح إن كنت تؤمن بالله وباليوم الآخر» فقال : هاكه يا رسول الله بأمانة الله ، فأخذ المفتاح ، ففتح البيت ، فنزل جبريل بهذه الآية ، فدعا عثمان ، فدفعه إليه. رواه أبو صالح ، عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والزّهريّ ، وابن جريج ، ومقاتل.
والثاني : أنها نزلت في الأمراء. رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال زيد بن أسلم ، وابنه ، ومكحول ، واختاره أبو سليمان الدّمشقيّ ، وقال : أمر الأمراء أن يؤدّوا الأمانة في أموال المسلمين. والثالث : أنها نزلت عامّة ، وهو مرويّ عن أبيّ بن كعب ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، واختاره القاضي أبو يعلى. واعلم أن نزولها على سبب لا يمنع عموم حكمها ، فإنها عامّة في الودائع وغيرها من الأمانات. وقال ابن مسعود : الأمانة في الوضوء ، وفي الصّلاة ، وفي الصّوم ، وفي الحديث ، وأشدّ ذلك في الودائع.
قوله تعالى : (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) يقول : نعم الشيء يعظكم به ، وقد ذكرناه في (البقرة).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٥٩))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) في سبب نزولها قولان :
(٣٠٣) أحدهما : أنها نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السّهميّ إذ بعثه النبيّ صلىاللهعليهوسلم في سريّة ، أخرجه البخاريّ ، ومسلم ، من حديث ابن عباس.
____________________________________
(٣٠٢) أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح وفيه الكلبي ضعيف جدا. ومثله لا يحتج به ، وذكره الواحدي في «الوسيط» ٢ / ٦٩ ـ ٧٠ وفي «الأسباب» ٣٢٣ بدون إسناد ، ودون اللفظ المرفوع.
وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١ / ٥٢٣ : ذكره الثعلبي ، ثم البغوي بغير إسناد.
وخبر إعطاء المفتاح لعثمان ورد من وجوه ، والوهن في هذا الخبر بذكر نزول الآية. وانظر «تفسير ابن كثير» ١ / ٥٣٠ و «الدر» ٢ / ٣١٢.
(٣٠٣) صحيح. أخرجه البخاري ٤٥٨٤ ومسلم ١٨٣٤ والترمذي ١٦٧٢ والنسائي في «التفسير» ١٢٩ وأحمد ١ / ٣٣٧ وابن الجارود ١٠٤٠ والبيهقي في «الدلائل» ٤ / ٣١١ عن ابن عباس به. وانظر كلام الحافظ في «فتح الباري» ٨ / ٢٤٥ حول هذا الخبر.
ـ ولعبد الله بن حذافة قصة معروفة أخرجها أحمد ٣ / ٦٧ وابن ماجة ٢٨٦٣ وأبو يعلى ١٣٤٩ وابن حبان ٤٥٥٨ من حديث أبي سعيد وإسناده حسن ، لأجل محمد بن عمرو ، وصححه البوصيري في الزوائد ١٨٣ أن