يظنّون أنهم ليسوا
بمشركين ، وذلك لا يخرجهم عن أن يكونوا قد كذبوا.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا
ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤٣))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى).
(٢٨٧) روى أبو عبد
الرحمن السّلميّ ، عن عليّ بن أبي طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما ،
فدعانا ، وسقانا من الخمر ، فأخذت الخمر منّا ، وحضرت الصّلاة ، فقدّموني ، فقرأت
قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون ، فنزلت هذه الآية.
وفي رواية أخرى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عليّ رضي الله عنه أنّ الذي قدّموه ،
وخلط في هذه السورة ، عبد الرّحمن بن عوف.
وفي معنى قوله
تعالى : (لا تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ) قولان : أحدهما
: لا تتعرّضوا
بالسّكر في أوقات الصّلاة. والثاني
: لا تدخلوا في
الصّلاة في حال السّكر ، والأوّل أصحّ ، لأن السّكران لا يعقل ما يخاطب به. وفي
معنى : (وَأَنْتُمْ سُكارى) قولان : أحدهما
: من الخمر ، قاله
الجمهور. والثاني
: من النّوم ، قاله
الضّحّاك ، وفيه بعد. وهذه الآية اقتضت إباحة السّكر في غير أوقات الصّلاة ، ثم
نسخت بتحريم الخمر. قوله تعالى : (وَلا جُنُباً) قال ابن قتيبة : الجنابة : البعد ، قال الزجّاج : يقال :
رجل جنب ، ورجلان جنب ، ورجال جنب ، كما يقال : رجل رضى ، وقوم رضى. وفي تسمية
الجنب بهذا الاسم قولان : أحدهما
: لمجانبة مائه
محلّه. والثاني
: لما يلزمه من
اجتناب الصّلاة ، وقراءة القرآن ، ومسّ المصحف ، ودخول المسجد .
____________________________________
(٢٨٧) حديث حسن.
أخرجه أبو داود ٣٦٧١ والترمذي ٣٠٢٦ والحاكم ٢ / ٣٠٧ والطبري ٩٥٢٦ وإسناده حسن ،
وفيه أن الذي قدّم للصلاة هو علي رضي الله عنه ، وفيه عطاء بن السائب لكن الثوري
الراوي عنه سمع منه قبل الاختلاط ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وحسنه الترمذي
، والله أعلم.
__________________