موالي المعاقدة. وذهب قوم إلى أن المراد : فآتوهم نصيبهم من النّصر والنصيحة من غير ميراث ، وهذا مرويّ عن ابن عباس ، ومجاهد. وذهب قوم آخرون إلى أن المعاقدة : إنّما كانت في الجاهلية على النّصرة لا غير ، والإسلام لم يغيّر ذلك ، وإنما قرّره.
(٢٨٥) فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أيّما حلف كان في الجاهلية ، فإنّ الإسلام لم يزده إلّا شدّة» أراد : النّصر والعون. وهذا قول سعيد بن جبير ، وهو يدلّ على أن الآية محكمة.
(الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤))
قوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ).
(٢٨٦) سبب نزولها : أن رجلا لطم زوجته لطمة فاستعدت عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وذكر المفسّرون أنه سعد بن الرّبيع الأنصاريّ (١).
قال ابن عباس : «قوّامون» أي : مسلّطون على تأديب النساء في الحقّ. وروى هشام بن محمّد عن أبيه (٢) في قوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) قال : إذا كانوا رجالا ، وأنشد :
أكلّ امرئ تحسبين امرأ |
|
ونارا توقّد باللّيل نارا (٣) |
قوله تعالى : (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) يعني : الرجال على النساء ، وفضّل الرجل على المرأة بزيادة العقل ، وتوفير الحظّ في الميراث ، والغنيمة ، والجمعة ، والجماعات ، والخلافة ، والإمارة ، والجهاد ، وجعل الطّلاق إليه ، إلى غير ذلك.
قوله تعالى : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) قال ابن عباس يعني : المهر والنّفقة عليهنّ. وفي «الصّالحات» قولان : أحدهما : المحسنات إلى أزواجهنّ ، قاله ابن عباس. والثاني : العاملات بالخير ، قاله ابن المبارك. قال ابن عباس : و «القانتات» : المطيعات لله في أزواجهنّ ، والحافظات للغيب ، أي :
____________________________________
(٢٨٥) صحيح. أخرجه مسلم ٢٥٣٠ وأبو داود ٢٩٢٥ وأحمد ٤ / ٨٣ وابن حبان ٤٣٧١ والطبري ٩٢٩٥ والطبراني ١٥٩٧ والبيهقي ٦ / ٢٦٢ من حديث جبير بن مطعم ، وصدره «لا حلف في الإسلام ، وأيما ...».
ـ وله شاهد أخرجه الطبري ٩٢٩٢ وأحمد ٥ / ٦١ والطبراني ١٨ / ٨٦٥ عن قيس بن عاصم أنه سأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن الحلف فقال : «ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ولا حلف في الإسلام».
ـ وله شاهد أخرجه الطبري ٩٢٩٥ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال في خطبته يوم فتح مكة : فوا بالحلف ، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفا في الإسلام».
(٢٨٦) ضعيف. أخرجه الطبري ٩٥٠٣ عن ابن عباس به ، وفيه محمد بن أبي محمد شيخ ابن إسحاق ، وهو مجهول.
__________________
(١) عزاه الواحدي ٣١٠ لمقاتل ، وهو متروك متهم ، فلا يحتج بمثل هذا الخبر.
(٢) هو محمد بن السائب الكلبي ، وهو متروك ، وكذبه غير واحد.
(٣) البيت لأبي داود الإيادي كما في «الخزانة» ٤ / ١٩١.