الهاء. وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : وأحلّ بفتح الحاء ، وقرأ حمزة ، والكسائيّ : بضمّ الألف.
فصل : قال شيخنا عليّ بن عبيد الله : وعامّة العلماء ذهبوا إلى أن قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) تحليل ورد بلفظ العموم ، وأنه عموم دخله التّخصيص ، والمخصّص له :
(٢٧٠) نهي النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن تنكح المرأة على عمّتها ، أو على خالتها. وليس هذا على سبيل النّسخ. وذهب طائفة إلى أن التّحليل المذكور في الآية منسوخ بهذا الحديث.
قوله تعالى : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) أي : تطلبوا إمّا بصداق في نكاح ، أو ثمن في ملك (مُحْصِنِينَ) قال ابن قتيبة : متزوّجين ، وقال الزجاج : عاقدين التّزويج ، وقال غيرهما : متعفّفين غير زانين. والسّفاح : الزّنى ، قال ابن قتيبة .. أصله من سفحت القربة : إذا صببتها ، فسمّي الزّنى سفاحا ، لأنه حين يسافح يصبّ النّطفة ، وتصبّ المرأة النّطفة. وقال ابن فارس : السّفاح : صبّ الماء بلا عقد ، ولا نكاح ، فهو كالشّيء يسفح ضياعا.
قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) فيه قولان :
أحدهما : أنه الاستمتاع في النّكاح بالمهور ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، والجمهور. والثاني : أنه الاستمتاع إلى أجل مسمّى من غير عقد نكاح. وقد روي عن ابن عباس أنه كان يفتي بجواز المتعة ، ثم رجع عن ذلك. وقد تكلّف قوم من مفسّري القرّاء ، فقالوا : المراد بهذه الآية نكاح المتعة ، ثم نسخت بما روى عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه :
(٢٧١) نهى عن متعة النّساء ، وهذا تكلّف لا يحتاج إليه ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أجاز المتعة ، ثم منع منها ، فكان قوله منسوخا بقوله. وأما الآية ، فإنّها لم تتضمّن جواز المتعة ، لأنه تعالى قال فيها : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) فدلّ ذلك على النّكاح الصحيح.
____________________________________
(٢٧٠) صحيح. أخرجه البخاري ٥١٠٩ و ٥١١٠ ومسلم ١٤٠٨ ح ٣٥ و ٣٦ وأبو داود ٢٠٦٦ والنسائي ٦ / ٩٦ ـ ٩٧ ـ ٩٨ وابن ماجة ١٩٢٩ والشافعي ٢ / ١٨ وعبد الرزاق ١٠٧٥٣ وأحمد ٢ / ٤٣٢ ـ ٤٦٢ و ٤٧٤ و ٤٨٩ و ٥٠٨ و ٥١٦ وابن حبان ٤٠٦٨ والبيهقي ٥ / ٣٤٥ و ٧ / ١٦٥ من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها». لفظ البخاري.
(٢٧١) صحيح. أخرج البخاري ٤٢١٦ و ٥٥٢٣ ومسلم ١٤٠٧ والنسائي ٦ / ١٢٦ و ٧ / ٢٠٢ والترمذي ١١٢١ و ١٧٩٤ وابن ماجة ١٩٦١ وأحمد ١ / ٧٩ وسعيد بن منصور ٨٤٨ والحميدي ٣٧ والدارمي ٢ / ١٤٠ وابن حبان ٤١٤٠ و ٤١٤٣ وأبو يعلى ٥٧٦ وابن أبي شيبة ٤ / ٢٩٢ والبيهقي ٧ / ٢٠١ و ٢٠٢ من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الإنسية.
ـ وله شاهد من حديث الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أنه كان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «يا أيها الناس! إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء. وإن الله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله. ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا». أخرجه مسلم ١٤٠٦ وأحمد ٢ / ٤٠٤ والدارمي ٢ / ١٤٠ والنسائي ٦ / ١٢٦ وابن ماجة ١٩٦٢ وسعيد بن منصور ٨٤٧ وأبو يعلى ٩٣٨ وعبد الرزاق ١٤٠٤١ والحميدي ٨٤٧ والدارمي ٢ / ١٤٠ وابن الجارود ٦٩٩ وابن أبي شيبة ٤ / ٢٩٢ وابن حبان ٤١٤٤ و ٤١٤٦ و ٤١٤٨ والطحاوي ٣ / ٢٥ من حديث الربيع بن سبرة. وانظر «تفسير الشوكاني» ٦٢٩.