مشتقة من الحلال. وقال غيره : سمّيت بذلك ، لأنها تحلّ معه أينما كان. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغويّ ، قال : الحليل : الزّوج ، والحليلة : المرأة ، وسمّيا بذلك ، إما لأنّهما يحلّان في موضع واحد ، أو لأنّ كلّ واحد منهما يحالّ صاحبه ، أي : ينازله ، أو لأنّ كلّ واحد منهما يحلّ إزار صاحبه. قوله تعالى : (الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) قال عطاء : إنما ذكر الأصلاب ، لأجل الأدعياء. والكلام في قوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) على نحو ما تقدّم في الآية التي قبلها. وقد زادوا في هذا قولين آخرين : أحدهما : إلا ما قد سلف من أمر يعقوب عليهالسلام ، لأنه جمع بين أمّ يوسف وأختها ، وهذا مرويّ عن عطاء ، والسّدّيّ ، وفيه ضعف لوجهين : أحدهما : أنّ هذا التّحريم يتعلّق بشريعتنا ، وليس كلّ الشّرائع تتّفق ، ولا وجه للعفو عنّا فيما فعله غيرنا. والثاني : أنه لو طولب قائل هذا بتصحيح نقله ، لعسر عليه. والقول الثاني : أن تكون فائدة هذا الاستثناء أنّ العقود المتقدّمة على الأختين لا تنفسخ ، ويكون للإنسان أن يختار إحداهما.
(٢٦٧) ومنه حديث فيروز الدّيلميّ قال : أسلمت وعندي أختان ، فأتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : «طلّق إحداهما» ، ذكره القاضي أبو يعلى.
(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٢٤))
قوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ). أما سبب نزولها :
(٢٦٨) فروى أبو سعيد الخدريّ قال : أصبنا سبايا يوم أوطاس لهنّ أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهنّ ، فسألنا النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، فاستحللناهن.
وأما خلاف القرّاء ، فقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة بفتح الصّاد في كل القرآن ، وفتح الكسائيّ الصّاد في هذه وحدها ، وقرأ سائر القرآن «والمحصنات» و «محصنات». قال ابن قتيبة : والإحصان : أن يحمي الشيء ، ويمنع منه ، فالمحصنات من النساء : ذوات الأزواج ، لأن الأزواج أحصنوهنّ ، ومنعوا منهنّ. قال الله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، والمحصنات : الحرائر وإن لم يكنّ متزوجات ، لأن الحرّة تحصن وتحصن ، وليست كالأمة ، قال الله
____________________________________
(٢٦٧) حسن. أخرجه أبو داود ٢٢٤٣ والترمذي ١١٢٩ و ١١٣٠ وابن ماجة ١٩٥٠ و ١٩٥١ وعبد الرزاق ١٢٦٢٧ وابن أبي شيبة ٤ / ٣١٧ وأحمد ٢ / ٢٣٢ وابن حبان ٤١٥٥ والدارقطني ٣ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤ والطبراني ١٨ / ٨٤٣ والبيهقي ٧ / ١٨٤ ـ ١٨٥ من طرق عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه به. وإسناده حسن ، رجاله ثقات. وأخرجه الدارقطني ٣ / ٢٧٣ من وجه آخر ، وفيه محمد بن يحيى الأسلمي شيخ الشافعي ، وهو متروك ، والحجة في الرواية المتقدمة.
(٢٦٨) صحيح. أخرجه مسلم ١٤٥٦ وأبو داود ٢١٥٥ والترمذي ١١٣٢ والنسائي ٦ / ١١٠ وفي «التفسير» ١١٦ و ١١٧ وعبد الرزاق في «تفسيره» ٥٤٩ وأحمد ٣ / ٨٤ والطيالسي ٢٢٣٩ وأبو يعلى ١٣١٨ والبيهقي ٧ / ١٦٧ من طرق من حديث أبي سعيد. وله شاهد حسن من حديث ابن عباس أخرجه النسائي في «التفسير» ١١٨ وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي ٤٤١ بتخريجنا ؛ والله الموفق.