(٢٦٠) أحدها : أنّ جابر بن عبد الله مرض ، فعاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : كيف أصنع في مالي يا رسول الله ، فنزلت هذه الآية ، رواه البخاريّ ومسلم.
(٢٦١) والثاني : أنّ امرأة جاءت إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بابنتين لها ، فقالت : يا رسول الله قتل أبو هاتين معك يوم أحد ، وقد استفاء (١) عمّهما مالهما ، فنزلت ، روي عن جابر بن عبد الله أيضا.
(٢٦٢) والثالث : أنّ عبد الرحمن أخا حسّان بن ثابت مات ، وترك امرأة ، وخمس بنات ، فأخذ ورثته ماله ، ولم يعطوا امرأته ، ولا بناته شيئا ، فجاءت امرأته تشكو إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول السّدّيّ.
قال الزجّاج : ومعنى يوصيكم : يفرض عليكم ، لأن الوصيّة منه فرض (٢). وقال غيره : إنما ذكره بلفظ الوصية لأمرين : أحدهما : أن الوصيّة تزيد على الأمر ، فكانت آكد. والثاني : أن في الوصيّة حقا للموصي ، فدلّ على تأكيد الحال بإضافته إلى حقّه. وقرأ الحسن. وابن أبي عبلة : «يوصّيكم» بالتّشديد.
قوله تعالى : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) يعني ، للابن من الميراث مثل حظّ الأنثيين. ثم ذكر نصيب الإناث من الأوّل فقال (فَإِنْ كُنَ) يعني : البنات (نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) وفي قوله تعالى : (فَوْقَ) قولان : أحدهما : أنها زائدة ، كقوله تعالى : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ). والثاني : أنها بمعنى الزّيادة. قال القاضي أبو يعلى : إنما نصّ على ما فوق الاثنتين ، والواحدة ، ولم ينصّ على الاثنتين ، لأنه لمّا جعل لكلّ واحدة مع الذّكر الثلث ، كان لها مع الأنثى الثلث أولى.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) قرأ الجمهور بالنّصب ، وقرأ نافع بالرّفع ، على معنى : وإن وقعت ، أو وجدت واحدة.
____________________________________
(٢٦٠) صحيح. أخرجه البخاري ٤٥٧٧ ومسلم ١٦١٦ وأبو داود ٢٨٨٦ والترمذي ٣٠١٥ وابن ماجة ١٤٣٦ و ٢٧٢٨ واستدركه الحاكم ٢ / ٣٠٣ من حديث جابر.
(٢٦١) حسن. أخرجه أبو داود ٢٨٩١ و ٢٨٩٢ والترمذي ٢٠٩٢ وابن ماجة ٢٧٢٠ وأحمد ٣ / ٣٥٢ والحاكم ٤ / ٣٣٤ والواحدي ٢٩٨ والبيهقي ٦ / ٢٢٩ من حديث جابر ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وهو حسن لأن مداره على عبد الله بن محمد بن عقيل ، وهو حسن الحديث. وانظر الحديث المتقدم برقم ٢٥٩ وانظر «تفسير الشوكاني» ٦٠٧ بتخريجنا.
(٢٦٢) ضعيف. أخرجه الطبري ٨٧٢٧ عن أسباط عن السدي مرسلا فهو ضعيف.
__________________
(١) في «اللسان» : الاستيفاء : استرجع حقهما من الميراث وجعله فيئا له.
(٢) قال القرطبي رحمهالله في «تفسيره» ٥ / ٥٩ ـ ٦٠ : اعلم أن الميراث كان يستحق في أول الإسلام بأسباب :
منها الحلف ، والهجرة والمعاقدة. ثم نسخ على ما يأتي بيانه في هذه السورة. وأجمع العلماء على أن الأولاد إذا كان معهم من له فرض مسمّى أعطيه ، وكان ما بقي من المال للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله عليهالسلام : «ألحقوا الفرائض بأهلها» رواه الأئمة. يعني الفرائض الواقعة في كتاب الله تعالى وهي ستة ... والأسباب الموجبة لهذه الفروض بالميراث ثلاثة أشياء : نسب ثابت ونكاح منعقد ، وولاء عتاقة ... ولا ميراث إلا بعد أداء الدين والوصية ؛ فإذا مات المتوفى أخرج من تركته الحقوق المعينات ، ثم ما يلزم من تكفينه وتقبيره ، ثم الديون على مراتبها ثم يخرج من الثلث الوصايا ، وما كان في معناها على مراتبها أيضا ، ويكون الباقي ميراثا بين الورثة.