إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]

زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]

208/606
*

وأبي يوسف ، ومحمّد. والقول الثاني : أن المراد بالوارث هاهنا ، وارث الوالد ، روي عن الحسن والسّدّيّ. والثالث : أن المراد بالوارث الباقي من والدي الولد بعد وفاة الآخر ، روي عن سفيان. والرابع : أنه أريد بالوارث الصبيّ نفسه ، فالنفقة عليه ، فإن لم يملك شيئا ، فعلى عصبته ، قاله الضحّاك ، وقبيصة بن ذؤيب. قال شيخنا عليّ بن عبيد الله : وهذا القول لا ينافي قول من قال : المراد بالوارث وارث الصبي ، لأن النفقة تجب للموروث على الوارث إذا ثبت إعسار المنفق عليه. وفي قوله تعالى : (مِثْلُ ذلِكَ) ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الإشارة إلى أجرة الرّضاع والنفقة ، روي عن عمر ، وزيد بن ثابت ، والحسن ، وعطاء ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وقتادة ، وقبيصة بن ذؤيب ، والسّدّيّ. واختاره ابن قتيبة. والثاني : أن الإشارة بذلك إلى النهي عن الضّرار ، روي عن ابن عباس والشّعبيّ والزّهريّ. واختاره الزجّاج. والثالث : أنه إشارة إلى جميع ذلك ، روي عن سعيد بن جبير ومجاهد ومقاتل وأبي سليمان الدّمشقيّ واختاره القاضي أبو يعلى. ويشهد لهذا أنه معطوف على ما قبله ، وقد ثبت أن على المولود له النفقة والكسوة ، وأن لا يضارّ ، فيجب أن يكون قوله : (مِثْلُ ذلِكَ) مشيرا إلى جميع ما على المولود له.

قوله تعالى : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً) ، الفصال : الفطام. قال ابن قتيبة : يقال : فصلت الصبيّ من أمّه : إذا فطمته. ومنه قيل للحوار (١) إذا قطع عن الرّضاع : فصيل ، لأنه فصل عن أمّه ، وأصل الفصل : التّفريق. قال مجاهد : التشاور فيما دون الحولين إن أرادت أن تفطم وأبى ، فليس لها ، وإن أراد هو ، ولم ترد ، فليس له ذلك حتى يقع ذلك عن تراض منهما وتشاور ، يقول : غير مسيئين إلى أنفسهما وإلى صبيهما. قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) ، قال الزجّاج : أي : لأولادكم. قال مقاتل : إذا لم ترض الأم بما يرضى به غيرها ، فلا حرج على الأب أن يسترضع لولده. وفي قوله تعالى : (إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ) قولان : أحدهما : إذا سلّمتم أيّها الآباء إلى أمهات الأولاد أجور ما أرضعن قبل امتناعهن ، قاله مجاهد ، والسّدّيّ. والثاني : إذا سلّمتم إلى الظّئر أجرها بالمعروف ، قاله سعيد بن جبير ، ومقاتل. وقرأ ابن كثير (ما أتيتم) بالقصر ، قال أبو عليّ : وجهه أن يقدّر فيه : ما أوتيتم نقده أو أوتيتم سوقه ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، كما تقول : أتيت جميلا ، أي : فعلته.

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤))

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) ، أي : يقبضون بالموت. وقرأ المفضّل عن عاصم «يتوفون» بفتح الياء في الموضعين. قال ابن قتيبة : هو من استيفاء العدد ، واستيفاء الشيء : أن نستقصيه كلّه ، يقال : توفّيته واستوفيته ، كما يقال : تيقّنت الخير واستيقنته ، هذا الأصل ، ثم قيل للموت : وفاة وتوفّ (يَتَرَبَّصْنَ) ينتظرن ، قال الفرّاء : وإنما قال : (وَعَشْراً) ولم يقل : عشرة ، لأن العرب إذا أبهمت العدد من الليالي والأيام ، غلّبوا عليه الليالي على الأيام ، حتى إنهم ليقولون : صمنا عشرا من شهر رمضان ،

__________________

(١) في «اللسان» الحوار : ولد الناقة من حين يوضع إلى أن يفطم ويفصل.