إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]

زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]

206/606
*

وقالت ليلى الأخيليّة :

إذا نزل الحجّاج أرضا مريضة

تتبّع أقصى دائها فشفاها

شفاها من الدّاء العضال الذي بها

غلام إذا هزّ القناة سقاها

قال الزجّاج : وأصل العضل ، من قولهم : عضلت الدّجاجة ، فهي معضل : إذا احتبس بيضها ونشب (١) فلم يخرج ، وعضلت الناقة أيضا : إذا احتبس ولدها في بطنها.

قوله تعالى : (إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) ، قال السّدّيّ ، وابن قتيبة : معناه إذا تراضى الزوجان بالنّكاح الصحيح. قال الشّافعيّ : وهذه الآية أبين آية في أنه ليس للمرأة أن تتزوّج إلا بوليّ.

قوله تعالى : (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ) ، قال مقاتل : الإشارة إلى نهي الولي عن المنع. قال الزجّاج : إنما قال : «ذلك» ولم يقل : «ذلكم» وهو يخاطب جماعة ، لأن لفظ الجماعة لفظ الواحد ، فالمعنى : ذلك أيها القبيل. قوله تعالى : (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ) ، يعني ردّ النساء إلى أزواجهنّ ، أفضل من التّفرقة بينهم ، (وَأَطْهَرُ) ، أي : أنقى لقلوبكم من الرّيبة لئلا يكون هناك نوع محبّة ، فيجتمعان على غير وجه صلاح. قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فيه قولان : أحدهما : أن معناه : يعلم ودّ كل واحد منهما لصاحبه ، قاله ابن عباس ، والضحّاك. والثاني : يعلم مصالحكم عاجلا وآجلا ، قاله الزجّاج في آخرين.

(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣))

قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ) لفظه لفظ الخبر ، ومعناه الأمر ، كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٢) ، وقال القاضي أبو يعلى : وهذا الأمر انصرف إلى الآباء ، لأن عليهم الاسترضاع ، لا إلى الوالدات ، بدليل قوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَ) ، وقوله تعالى : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ*) (٣) ، فلو كان متحتّما على الوالدة ، لم تستحقّ الأجرة ، وهل هو عامّ في جميع الوالدات؟ فيه قولان : أحدهما : أنه خاصّ في المطلّقات ، قاله سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والضحّاك ، والسّدّيّ ، ومقاتل في آخرين. والثاني : أنه عامّ في الزوجات والمطلّقات ، ولهذا يقال : لها أن تؤجر نفسها لرضاع ولدها ، سواء كانت مع الزوج ، أو مطلقة ، قاله القاضي أبو يعلى ، وأبو سليمان الدّمشقيّ في آخرين. والحول : السّنة ، وفي قوله : (كامِلَيْنِ) قولان : أحدهما : أنه دخل للتوكيد ؛ كقوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) (٤). والثاني : أنه لما جاز أن يقول : «حولين» ، ويريد أقلّ منهما ، كما قال : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) (٥) ، ومعلوم أنه يتعجّل في يوم ، وبعض آخر. وتقول العرب : لم أر فلانا منذ يومين ، وإنما

__________________

(١) في «القاموس» نشب وانتشب : اعتلق ، وتناشبوا : تضاموا وتعلق بعضهم ببعض.

(٢) البقرة : ٢٢٨.

(٣) النساء : ٢٤.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) البقرة : ٢٠٣.