شريعة ولا سنّة. والثالث : أنها البخل ، وهذه الأقوال الثلاثة منقولة عن ابن عباس. والرابع : أنها الزّنا ، قاله السّدّيّ. والخامس : المعاصي ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). أي : أنه حرّم عليكم ما لم يحرّم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠))
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ). اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال : أحدها : أنها في الذين قيل لهم : (كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) ، فعلى هذا تكون الهاء والميم عائدة عليهم ، وهذا قول مقاتل. والثاني : أنها نزلت في اليهود ، وهي قصّة مستأنفة ، فتكون الهاء والميم كناية عن غير مذكور ، ذكره ابن إسحاق عن ابن عباس. والثالث : أنها في مشركي العرب وكفّار قريش ، فتكون الهاء والميم عائدة إلى قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) ، فعلى القول الأوّل ؛ يكون المراد بالذي أنزل الله : تحليل الحلال ، وتحريم الحرام. وعلى الثاني يكون : الإسلام. وعلى الثالث : التّوحيد والإسلام. و (أَلْفَيْنا) بمعنى : وجدنا. قوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً) من الدّين ، ولا يهتدون له ، أيتبعونهم في خطئهم وافترائهم!
(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢))
قوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ). في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال :
أحدها : أنّ معناها : ومثل الذين كفروا كمثل البهائم التي ينعق بها الرّاعي ، وهذا قول الفرّاء ، وثعلب ، قالا جميعا : أضاف المثل إلى الذين كفروا ، ثم شبّههم بالرّاعي ، ولم يقل : كالغنم ، والمعنى : ومثل الذين كفروا كالبهائم التي لا تفقه ما يقول الرّاعي أكثر من الصّوت ، فلو قال لها الرّاعي : ارعي ، أو اشربي ، لم تدر ما يقول ، فكذلك الذين كفروا فيما يأتيهم من القرآن ، وإنذار الرّسول ، فأضيف التّشبيه إلى الرّاعي ، والمعنى في المرعيّ ، وهو ظاهر في كلام العرب ، يقولون : فلان يخافك كخوف الأسد ، والمعنى : كخوفه الأسد ، لأن الأسد هو المعروف بأنه المخوف. قال الشاعر :
كانت فريضة ما تقول كما |
|
كان الزّناء فريضة الرّجم |
المعنى : كما كان الرّجم فريضة الزّنى.
والثاني : أنّ معناها : ومثل الذين كفروا ، ومثلنا في وعظهم ، كمثل النّاعق والمنعوق به ، فحذف «ومثلنا» اختصارا ، إذ كان في الكلام ما يدلّ عليه. وهذا قول ابن قتيبة ، والزجّاج.
والثالث : ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم التي يعبدون ، كمثل الذي ينعق ، هذا قول ابن زيد ، والذي ينعق هو الرّاعي ، يقال : نعق بالغنم ، ينعق نعقا ونعيقا ونعاقا ونعقانا. قال ابن الأنباريّ : والفاشي في كلام العرب أنه لا يقال : نعق ، إلّا في الصّياح بالغنم وحدها ، فالغنم تسمع الصوت ولا تعقل المعنى. (صُمٌّ بُكْمٌ) إنّما وصفهم بالصّمّ والبكم ، لأنهم في تركهم قبول ما يسمعون بمنزلة من لا