وكبر ، فرميا وكبّرا مع كل رمية حتى غاب الشيطان. ثم أتى به الجمرة الوسطى ، فعرض لهما الشيطان ، فأخذ جبريل سبع حصيات ، وأعطى إبراهيم سبع حصيات ، فقال له : ارم وكبّر ، فرميا وكبّرا مع كلّ رمية حتى غاب الشّيطان. ثمّ أتى به الجمرة القصوى ، فعرض لهما الشّيطان ، فأخذ جبريل سبع حصيات ، وأعطى إبراهيم سبع حصيات. فقال له : ارم وكبر ، فرميا وكبّرا مع كل رمية حتى غاب الشيطان ، ثم أتى به منى ، فقال : هاهنا يحلق الناس رؤوسهم ، ثمّ أتى به جمعا ، فقال : هاهنا يجمع الناس ، ثمّ أتى به عرفة ، فقال : أعرفت؟ قال : نعم. قال : فمن ثمّ سمّيت عرفات.
قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) ، في الهاء والميم من (فِيهِمْ) قولان :
أحدهما : أنها تعود على الذّرّيّة ، قاله مقاتل والفرّاء.
والثاني : على أهل مكّة في قوله : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ) ، والمراد بالرّسول : محمّد صلىاللهعليهوسلم.
(٥٠) وقد روى أبو أمامة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أنّه قيل : يا رسول الله! ما كان بدء أمرك؟ قال : «دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت أمّي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشّام».
والكتاب : القرآن. والحكمة : السّنّة ، قاله ابن عبّاس. وروي عنه : الحكمة : الفقه والحلال والحرام ، ومواعظ القرآن. وسمّيت الحكمة حكمة ، لأنها تمنع من الجهل.
وفي قوله تعالى : (وَيُزَكِّيهِمْ) ، ثلاثة أقوال : أحدها : أن معناه : يأخذ الزّكاة منهم فيطهّرهم بها ، قاله ابن عباس والفرّاء. والثاني : يطهّرهم من الشّرك والكفر ، قاله مقاتل. والثالث : يدعوهم إلى ما يصيرون به أزكياء. قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) ، قال الخطّابيّ : العزّ في كلام العرب على ثلاث أوجه : أحدها : بمعنى الغلبة ، يقولون : من عزّ بزّ ، أي : من غلب سلب ، يقال منه : عزّ يعزّ ، بضم العين من يعزّ ، ومنه قوله تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) (١). والثاني : بمعنى الشّدة والقوة ، يقال منه : عزّ يعزّ ، بفتح العين من يعزّ. والثالث : أن يكون بمعنى نفاسة القدر ، يقال منه : عزّ يعزّ ، بكسر العين من يعزّ ، ويتأول معنى العزيز على أنّه الذي لا يعادله شيء ، ولا مثل له.
____________________________________
(٥٠) حسن صحيح. أخرجه الطيالسي ١١٤٠ وأحمد ٥ / ٢٦٢ ، وابن سعد ١ / ١٠٢ والطبراني ٧٧٢٩ والبيهقي في «الدلائل» ١ / ٨٤ وإسناده ضعيف لضعف فرج بن فضالة ، والسياق لأحمد ، وقال الهيثمي في «المجمع» ٨ / ٢٢٢ : إسناد أحمد حسن. وله شاهد أخرجه أحمد ٤ / ١٢٧ ـ ١٢٨ والبخاري في «التاريخ الكبير» ٦ / ٦٨ وابن حبان ٦٤٠٤ وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٠٩ والبيهقي في «الدلائل» ١ / ٨٠ و ٢ / ٣٠ عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرفوعا ، وإسناده حسن في الشواهد لأجل سعيد بن سويد. وصححه الحاكم ٢ / ٦٠٠ ووافقه الذهبي ، وقال الهيثمي في المجمع : رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبّان.
وورد عن خالد بن معدان عن نفر من الصحابة مرفوعا أخرجه الحاكم ٢ / ٦٠٠ والطبري ٢٠٧٥ والبيهقي في «الدلائل» ١ / ٨٣ وإسناده قوي كما قال الحافظ ابن كثير في «البداية» ٢ / ٢٧٥ وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وهو حديث حسن في أقل تقدير بل هو صحيح والله أعلم ، وانظر «الجامع لأحكام القرآن» ٧١٠ بتخريجنا.
__________________
(١) ص : ٢٣.