(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩))
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ). في سبب نزولها قولان :
(٤٢) أحدهما : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال يوما : «ليت شعري ما فعل أبواي!» ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس.
(٤٣) والثاني : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أنزل الله بأسه باليهود لآمنوا» فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل.
وفي المراد (بِالْحَقِ) هاهنا ثلاثة أقوال : أحدها : أنه القرآن ، قاله ابن عباس. والثاني : الإسلام ، قاله ابن كيسان. والثالث : الصّدق. قوله تعالى : (وَلا تُسْئَلُ) ، قرأه الأكثرون بضمّ التاء ، على الخبر ، والمعنى : لست بمسؤول عن أعمالهم. وقرأ نافع ويعقوب بفتح التاء وسكون اللام ، على السّؤال عنهم. وجوّز أبو الحسن الأخفش أن يكون معنى هذه القراءة : لا تسأل عنهم فإنهم في أمر عظيم ، فيكون ذلك على وجه التّعظيم لما هم فيه ، فأمّا الجحيم ؛ فقال الفرّاء : النّار على النّار والجمر على الجمر. وقال أبو عبيدة : الجحيم : النار المستحكمة المسلّطة. وقال الزّجّاج : الجحيم : النّار الشديدة الوقود ، وقد جحم فلان النار : إذا شدّد وقودها ، ويقال لعين الأسد : حجمة لشدّة توقّدها. ويقال لوقود الحرب ، وهو شدّة القتال فيها : جاحم. وقال ابن فارس : الجاحم : المكان الشّديد الحرّ. قال الأعشى :
يعدّون للهيجاء قبل لقائها |
|
غداة احتضار البأس والموت جاحم |
ولذلك سمّيت الجحيم. وقال ابن الأنباريّ : قال أحمد بن عبيد : إنما سمّيت النّار جحيما ، لأنها أكثر وقودها ، من قول العرب : جحمت النار أجحمها : إذا أكثرت لها الوقود. قال عمران بن حطّان :
يرى طاعة الله الهدى وخلافه |
|
الضّلالة يصلي أهلها جاحم الجمر |
(وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠))
قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى). في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(٤٤) أحدها : أنّ يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلّي النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى قبلتهم ، فلمّا
____________________________________
(٤٢) ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ١٢٦ والطبري ١٨٧٧ و ١٨٧٨ كلاهما من حديث محمد بن كعب القرظي مرسلا. وذكره السيوطي في «الدر» ١ / ٢٠٩ وزاد نسبته إلى وكيع وسفيان وعبد بن حميد وابن المنذر وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي ضعيف جدا كما في «التقريب». وذكره العقيلي في «الضعفاء» وابن حبان في «المجروحين» وضعفه ابن كثير ١ / ١٦٢ والسيوطي في «الدر» وقال : هذا مرسل ضعيف الإسناد. وله شاهد آخر أخرجه الطبري ١٨٧٩ مرسلا عن داود بن أبي عاصم. وذكره السيوطي في «الدر» وقال : والآخر معضل الإسناد ضعيف لا يقوم به ولا بالذي قبله حجة. وعزاه الواحدي في «أسباب النزول» ٦٤ لابن عباس بدون إسناد فالمتن ضعيف.
(٤٣) ضعيف جدا ، ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٥ بلا سند عن مقاتل ، فهو واه ، وتقدم الكلام على مقاتل.
(٤٤) واه بمرة ، أخرجه الثعلبي كما في «أسباب النزول» ٥٩ للسيوطي. عن ابن عباس ، ولم أقف على إسناده ،