جعفر : وهذا قول صحيح بيّن يدلّ عليه أن حذرا لا يتعدّى عند النحويين.
(كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) (٢٨)
الكاف في موضع رفع أي الأمر ذلك ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى كذلك يفعل بمن يهلكه وينتقم منه.
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) (٢٩)
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) أكثر أهل التفسير على أنه حقيقة وأنها تبكي على المؤمن موضع مصلّاه من الأرض وموضع مصعده من السماء. وقيل : هو مجاز والمعنى : وما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض وقول ثالث نظير قول العرب : ما بكاه شيء ، وجاء بكت على تأنيث السماء. وزعم الفراء (١) : أنّ من العرب من يذكّرها.
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) (٣٠)
نعت للعذاب ، وزعم الفراء أن في قراءة عبد الله (مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) (٢) وذهب إلى إضافة الشيء إلى نفسه مثل : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : ٥]. قال أبو جعفر : وإضافة الشيء إلى نفسه عند البصريين (٣) محال ، والقراءة مخالفة للسواد ، ولو صحّت كان تقديرها : من عذاب فرعون المهين ثم أقيم النعت مقام المنعوت ويكون الدليل على الحذف.
(مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) (٣١)
روي عن ابن عباس قال : من المشركين وعن الضحاك قال : من الفتّاكين.
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣٢)
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ) الضمير يعود على بني إسرائيل أي اخترناهم للرسالة والتشريف (عَلى عِلْمٍ) لأن من اخترناه منهم للرسالة يقوم بأدائها (عَلَى الْعالَمِينَ) لكثرة الرسل فيهم وقيل : عالم أهل زمانهم.
(وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) (٣٣)
أصحّ ما قيل فيه أن البلاء هاهنا النعمة مثل وجميل بلائه لديك. قال الفراء (٤) : وقد يكون البلاء هاهنا العذاب.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٤١.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ٤١ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٧.
(٣) انظر الإنصاف المسألة رقم (٦١).
(٤) انظر معاني الفراء ٣ / ٤٢.