فجمع ما بين «ما» و «إن» ومعناهما واحد. قال الله جلّ وعزّ (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ) [فاطر : ٤٠] بمعنى ما يعد الظالمون. والجواب الآخر أنّ زيادة «ما» تفيد معنى ؛ لأنه لو لم تدخل «ما» كان المعنى أنه لحقّ لا كذب فإذا جئت بما صار المعنى أنه لحقّ ، مثل ما إنّ الآدميّ ناطق ، كما تقول : الحقّ نطقك ، بمعنى أحقّ أم كذب؟ وتقول : أحقّ إنّك تنطق؟ فتفيد معنى آخر.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) (٢٤)
ولم يقل أضياف ؛ لأنّ ضيفا مصدر ، وحقيقته في العربية حديث ذوي ضيف ، مثل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) (٢٥)
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) أي حين دخلوا. (فَقالُوا سَلاماً) منصوب على المصدر ، ويجوز أن يكون منصوبا بوقوع الفعل عليه. ويدلّ على صحّة هذا الجواب أنّ سفيان روى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. (فَقالُوا سَلاماً) قال سدادا. (قالَ سَلامٌ) (١) مرفوع بالابتداء ، والخبر محذوف أي سلام عليكم ، ويجوز أن يكون مرفوعا على خبر الابتداء والابتداء محذوف أي أمري سلام ، وقرأ حمزة والكسائي (قالَ سَلامٌ) (٢) وفيه تقديران : أحدهما أن يكون سلام وسلّم بمعنى واحد مثل حلّ وحلال ، ويجوز أن يكون التقدير نحن سلم. (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) على إضمار مبتدأ وإنما أنكرهم فيما قبل ؛ لأنه لم يعرف في الأضياف مثلهم.
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) (٢٦)
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) أي رجع ، وحقيقته رجع في خفية. (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) التقدير : فجاء أضيافه ثم حذف المفعول.
(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) (٢٧)
الفاء تدلّ على أنّ الثاني يلي الأول و «ألا» تنبيه.
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) (٢٨)
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) أي ستر ذلك وأضمره (قالُوا لا تَخَفْ) حذفت الضمة للجزم
__________________
ـ استعجم ٦٥٠ ، والكميت في شرح المفصل ٨ / ١٢٩ ، وللكميت أو لفروة في تلخيص الشواهد ص ٢٧٨ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٠٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٤١ ، والخصائص ٣ / ١٠٨ ، ورصف المباني ١١٠ ، وشرح المفصل ٥ / ١٢٠ ، والمحتسب ١ / ٩٢ ، والمقتضب ١ / ٥١ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٣.
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ١٣٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ١٣٧.