الفراء (١) (٢) الخصمين على أنهما فريقان أهل دينين ، وزعم أنّ الخصم الواحد المسلمون ، والآخر اليهود والنصارى ، اختصموا في دين ربهم. قال : فقال : اختصموا لأنهم جميع.
قال : ولو قال اختصما لجاز. قال أبو جعفر : وهذا تأويل من لا دربة له بالحديث ، ولا بكتب أهل التفسير ، لأن الحديث في هذه الآية مشهور رواه سفيان الثوري وغيره عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال : سمعت أبا ذر يقسم قسما إنّ هذه الآية نزلت في حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ، وهكذا روى أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس (٣).
(يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) رفع بفعل ما لم يسمّ فاعله. (وَالْجُلُودُ) عطف على «ما». قال الكسائي. يقال : صهرته أنضجته. والكوفيون يقولون : معنى والجلود :
وجلودهم.
قال أبو إسحاق ويقرأ ويحلون (٤) فيها من أساور من ذهب على قولك : حلي يحلى إذا صار ذا حلي ، قال : (وَلُؤْلُؤاً) بمعنى ويحلّون لؤلؤا ، قال : و «لؤلؤ» بمعنى :
ومن لؤلؤ. قال : ويجوز أن يكون ذلك خلطا منهما.
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) فيه ثلاثة أوجه : يكون في اللغة على العموم ، وقيل : الطيب من القول البشارات الحسنة ، وقيل : هو قولهم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [فاطر : ٣٤].
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) اسم «إنّ» و (كَفَرُوا) صلته (وَيَصُدُّونَ) عطف على الذين كفروا. فإن قيل : كيف يعطف مستقبل على ماض؟ ففيه ثلاثة أوجه : منها أن يكون عطف جملة على جملة ، ومنها أن يكون في موضع الحال ، كما تقول : كلّمت زيدا
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٢٧.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٢١٩.
(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٤.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٥ ، ومختصر ابن خالويه ٩٤ ، والمحتسب ٢ / ٧٧.