جماعة من أهل النظر قالوا : لأن الضمير في حقيقة النظر لما يليه أولى. وقد ذكرنا (١) قول العلماء المتقدمين قبل هذا (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) جمع أسورة ، وأسورة جمع سوار وسوار ، وقد حكي أنه يقال : أسوار وجمع إسوار أساوير (٢) ، وقد حكي أن في حرف أبي «أساوير» وحذف الياء من مفاعل هذا جائز غير أن المعروف أن الأسوار هو الرجل الجيّد الرمي من الفرس. (وَلُؤْلُؤاً) (٣) قراءة أهل المدينة. قال أبو إسحاق :
لأن معنى من أساور ومعنى أساور واحد ، والخفض قراءة أهل الكوفة ، وهو أبين في العربية لأنه مخفوض معطوف على مخفوض. وقرأ عاصم الجحدري (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) (٤) بكسر التاء تكون في موضع جرّ على البدل من الخيرات ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على لغة من قال : زيدا ضربته وزعم بعض أهل النظر أن قوله جلّ وعزّ : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ) للنساء لأن قوله جلّ وعزّ : (مِنْ عِبادِنا) مشتمل على الذكور والإناث. وهذا خطأ بيّن ، لأنه لو كان للنساء لكان يحلّين ولكن هو للرجال لا غير إلّا أنه يجوز أن يحلّى به النساء فإذا حلّي به النساء فهو لأزواجهنّ.
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) عن ابن عباس قال : النار. وقال سعيد عن قتادة قال : كانوا يعملون في الدّنيا وينصبون ويلحقهم الحزن وقال شمر بن عطيّة في قول الله جلّ وعزّ (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) قال : همّ الطّعام. قال :
(إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) غفر لهم الذّنوب التي عملوها ، وشكر لهم الخير الذي دلّهم عليه فعملوه.
(الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) يكون «الذي» في موضع نصب نعت لاسم «إنّ» ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أو على خبر بعد خبر إن ، وعلى البدل من غفور ، أو على البدل من المضمر الذي في «شكور» ويجوز أن يكون في موضع خفض على النعت لاسم الله جلّ وعزّ قال الكسائي والفراء : (الْمُقامَةِ) : الإمامة والمقامة : المجلس الذي يقام فيه. (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) أي تعب والنّصب الشرّ والنصب ما ينصب لذبح أو غيره وقرأ أبو عبد الرحمن (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) (٥) بفتح اللام يكون مصدرا كالوقود والطّهور وقيل هو ما يلغب منه.
__________________
(١) انظر إعراب الآية ٢٣ سورة الرعد.
(٢) انظر إعراب الآية ٣١ سورة الكهف.
(٣) انظر تيسير الداني ١٢٧.
(٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٩٩ ، ومختصر ابن خالويه ١٢٣.
(٥) انظر مختصر ابن خالويه ١٢٤ ، والبحر المحيط ٧ / ٣٠٠.