تفريطكم في يوسف عليهالسلام ، وقيل موضعه نصب عطف على «أنّ» ، والمعنى : ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله وتعلموا تفريطكم في يوسف عليهالسلام. (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) أي من الأرض. (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) نصب بحتى وهي بدل من «أن». (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) عطف على «يأذن» ، والمعنى ـ والله أعلم ـ أو يحكم الله لي بالممرّ مع أخي فأمضي معه إلى أبي. (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ابتداء وخبر.
(ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) (٨١)
(ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا) له. (يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما) قال أبو حاتم : ذكر قوم (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) (١) قالوا معناه رمي بالسّرق كما يقال ظلم فلان وخوّن قال : ولم أسمع له إسنادا. قال أبو جعفر : ليس نفيه السماع بحجّة على من سمع ، وقد روى هذا الحرف غير واحد منهم محمد بن سعدان النحوي في كتابه «كتاب القراءات» وهو ثقة مأمون وذكر أنها قراءة ابن عباس. قال أبو إسحاق: وقرئ (إنّ ابنك سرق) وهو يحتمل معنيين : أحدهما علم منه السّرق ، والآخر اتّهم بالسرق. (شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) أي لم نعلم وقت أخذناه منك أنه يسرق فلا نأخذه.
(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (٨٢)
(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) أي أهل القرية. قال سيبويه : ولا يجوز : كلّم هندا وأنت تريد غلام هند ؛ لأن هذا يشكل.
(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (٨٣)
(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أي زيّنته من غير أن تكون منه سرق. (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أي أولى من الجزع. (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً) ؛ لأنه كان عنده أنّ يوسف صلىاللهعليهوسلم لم يمت وإنما غاب عنه خبره لأن يوسف صلىاللهعليهوسلم حمل وهو عبد لا يملك لنفسه شيئا ثم اشتراه الملك فكان في داره لا يظهر للناس ، ثم حبس فلما تمكّن احتال في أن يعلم أبوه خبره ولم يوجّه برسول ؛ لأنه كره من إخوته أن يعرفوا ذلك فلا يدعوا الرسول يصل إلى أبيه. وقال «بهم» لأنهم ثلاثة يوسف وأخوه والمتخلف مع أخيه.
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) (٨٤)
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ) قال أبو إسحاق : الأصل يا أسفي أبدل
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٥٣ ، والبحر المحيط ٥ / ٣٣٢.