القراءة الأولى يقولون : اللهمّ ارفع درجته ولا يكادون يقولون : اللهمّ ارفعه درجة. قال مالك بن أنس سمعت زيد بن أسلم يقول في قوله عزوجل (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بالعلم. (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ابتداء وفيه تقديران : أحدهما وفوق كلّ ذي علم من هو أعلم منه حتّى ينتهي ذلك إلى الله جلّ وعزّ ، والتقدير الآخر وفوق كل ذي علم عالم بكل شيء وهو الله جلّ وعزّ.
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) (٧٧)
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ) جزم بإن ، والجواب (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) المعنى على حذف القول والتقدير : فقد قيل سرق أخ له. ومن أحسن ما قيل في معناه أنّ السّدّي قال : كانت عمة يوسفصلىاللهعليهوسلم تميل إليه وهي ربّته فلمّا ترعرع أرادوا أن يأخذوه منها فاحتالت في منعهم فأخذت منطقة إسحاق صلىاللهعليهوسلم فشدّتها في وسطه من تحت ثيابه وكان حكم السّارق إذا سرق أن يستخدم فاحتالت بهذا فأخذته عندها فلهذا قال إخوته : (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ). (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) للعلماء في هذا أقوال : منها أنه أسرّ في نفسه قوله (شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ) وقيل : أسرّ في نفسه المجازاة لهم على ما قالوا فيه ، وقيل : أسرّ في نفسه الحجّة على ما قالوا ولم يرد أن يبيّن عذره في ذلك ، وقيل : أسرّ في نفسه قولهم «فقد سرق أخ له من قبل» ولم يرد أن يذيع هذا وينشره. (قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) ابتداء وخبر. (مَكاناً) منصوب على البيان أي فعلا.
(قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٧٨)
(إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) من نعته.
(قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) (٧٩)
(قالَ مَعاذَ اللهِ) مصدر. (أَنْ نَأْخُذَ) في موضع نصب أي من أن نأخذ. (إِلَّا مَنْ وَجَدْنا) في موضع نصب بنأخذ. (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) أي إن أخذنا غيره.
(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (٨٠)
(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا) أي انفردوا وليس هو معهم. (نَجِيًّا) نصب على الحال ، وهو واحد يؤدي عن جمع وجمعه أنجية. (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) «ما» زائدة لا موضع لها من الإعراب ، وقيل : هي في موضع رفع على الابتداء وبمعنى وقع