(قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ) (١١٣)
(قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها) نصب بأن. (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ) عطف كلّه.
(قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١٤)
(قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَ) الأصل عند سيبويه (١) يا الله والميمان بدل من يا. (رَبَّنا) نداء ثان ، لا يجيز سيبويه غيره ولا يجوز عنده أن يكون نعتا لأنه قد أشبه الأصوات من أجل ما لحقه. (أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) سؤال. (تَكُونُ) نعت المائدة وليس بجواب ، وقرأ الأعمش تكن لنا عيدا (٢) على الجواب. والمعنى يكون يوم نزولها عيدا لنا. (لِأَوَّلِنا) لأوّل أمتنا وآخرها ، وقرأ عاصم الجحدري. (لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) (٣).
(قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (١١٥)
وهذا يوجب أنه قد أنزلها ووعده الحق.
(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (١١٦)
المعنى وإذ يقول الله يوم القيامة «وفعل» تأتي بمعنى «يفعل» ، و «يفعل» بمعنى «فعل» إذا عرف المعنى لأن الفعل واحد وإنما اختلف لاختلاف الزمان ، وأنشد سيبويه في نظير الآية : [الكامل]
١٢٧ ـ ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني (٤) |
__________________
(١) انظر الكتاب ٢ / ١٩٨.
(٢) قرأ عبد الله والأعمش (يكن) بالجواب على جواب الأمر ، انظر البحر المحيط ٤ / ٦٠.
(٣) وهذه قراءة زيد بن ثابت وابن محيصن أيضا ، انظر البحر المحيط ٤ / ٦٠.
(٤) الشاهد لرجل من سلول والكتاب ٣ / ٢٢ ، والدرر ١ / ٧٨ ، وشرح التصريح ٢ / ١١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣١٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٨ ، ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ١٢٦ ، ـ