السَّلَمَ) [النحل : ٨٧] وقرأ أبو رجاء ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم (١) بكسر السين وإسكان اللام ، وقرأ أبو جعفر (لَسْتَ مُؤْمِناً). (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) لم تنصرف لأنها جمع لا نظير له في الواحد. (كَذلِكَ) الكاف في موضع نصب.
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٩٥)
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) هذه قراءة أهل الحرمين وزيد بن ثابت و (غَيْرُ) (٢) نصب على الاستثناء ، وإن شئت على الحال من (الْقاعِدُونَ) أي لا يستوي القاعدون في حال صحتهم ، والحديث يدل على معنى النصب ، روى أبو بكر بن عياش وزهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء قال : كنت عند رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال : ادع لي زيدا وقل له يأتي بالكتف والدواة فقال له اكتب : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ، فقال ابن أمّ مكتوم : وأنا ضرير ، فما برحنا حتى أنزل الله عزوجل (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ). وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) قال الأخفش : هو نعت للقاعدين ، وقرأ حيوة (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (٣) جعله نعتا للمؤمنين ، ومحمد بن يزيد يقول هو بدل لأنه نكرة والأول معرفة. (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) وقد قال بعد هذا :
(دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٩٦)
(دَرَجاتٍ) فالجواب أن معنى «درجة» علوا أي أعلاهم ورفعتهم بالثناء والمدح والتقريظ ، فهذا معنى درجة ودرجات يعني في الجنة. قال ابن محيرز سبعين درجة. (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) منصوب بوعد ، وكلّ قيل : يعنى به المجاهدون خاصة ، وقيل : يعنى به المجاهدون وأولو الضرر ، وقيل : يعنى به المجاهدون والقاعدون وأولو الضرر لأنهم كلهم مؤمنون وإن كان بعضهم أفضل من بعض. (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً) نصب بفضّل وإن شئت كان مصدرا «درجات» بدل من أجر ، ويجوز الرفع أي ذلك درجات.
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (٩٧)
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) اسم إن والخبر (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ). و (تَوَفَّاهُمُ) فعل
__________________
(١) انظر مختصر ابن خالويه (٢٨).
(٢) انظر البحر المحيط ٣ / ٣٤٢ وقال : «أي : لا نؤمنك في نفسك».
(٣) انظر تيسير الداني ٨٣.