(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (٨٦)
(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) لم ينصرف لأنه أفعل وهو صفة أي بتحية أحسن منها. قال ابن عباس : إذا قال سلام عليكم قلت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فهذا أحسن منها. (أَوْ رُدُّوها) وعليكم وهذا للكفار يعني الثاني ، وقال غيره : لا يجوز أن يقال للكفار : وعليكم السلام كما لا يجوز أن يترحّم على ميتهم ولا حيّهم. (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) قيل محاسبا كما قال : أكيل بمعنى مواكل ، وقال مجاهد : «حسيبا» حفيظا ، وقال أبو عبيدة (١) : كافيا. قال أبو جعفر : وهذا أبينها يقال : أحسبني الشيء أي كفاني ومنه (حَسْبَكَ اللهُ) [الأنفال : ٦٤] وقد بيّنت أن هذا خطأ في الكتاب الآخر.
(اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) (٨٧)
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ابتداء وخبر. (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) لأن الناس يقومون فيها لرب العالمين جل وعز ، وقيل : لأن الناس يقومون من قبورهم إليها. (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) على البيان.
(فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (٨٨)
(فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) روى شعبة عن عديّ بن ثابت عن عبد الله بن زيد عن زيد بن ثابت قال : تخلّف رجال عن أحد فاختلف فيهم أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقالت فرقة : اقتلهم وقالت فرقة : اعف عنهم فأنزل الله جلّ وعزّ (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ). قال الضحاك : هؤلاء قوم تخلّفوا بمكّة وأظهروا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم الإسلام وقالوا إن ظهر محمد فقد عرفنا وإن ظهر قومنا فهو أحبّ إلينا ، فصار المسلمون فيهم فئتين قوم يتولونهم وقوم يتبرؤون منهم فقال الله جلّ وعزّ (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) فبين الله جلّ وعزّ كفرهم وأوجب البراءة منهم ، وقال الأخفش «فئتين» على الحال (٢) كما يقال : مالك قائما ، وقال الكوفيون (٣) : هو خبر ما لكم كخبر كان وظننت وأجازوا إدخال الألف واللام فيه ، وحكى الفراء (٤) : أركسهم أي ردّهم إلى الكفر. قال
__________________
(١) انظر مجاز القرآن ١ / ١٣٥.
(٢) عند البصريين كما في البحر المحيط ٣ / ٣٢٦.
(٣) انظر البحر المحيط ٣ / ٣٢٦.
(٤) قاله ابن عباس واختاره الفراء والزجاج ، انظر البحر المحيط ٣ / ٣٢٦.