اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٧٨)
(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) شرط ومجازاة و «ما» زائدة. (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) على التكثير. يقال : شاد البنيان وأشاد بذكره. (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) شرط ومجازاة وكذا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ). (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ابتداء وخبر. (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) أي لا يعرفون معناه وتأويله ، وقد بين الله جلّ وعزّ لهم فقال : (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران : ١٥٢] واللام متصلة عند البصريين والفراء (١) لأنها لام خفض ، وحكى ابن سعدان (٢) انفصالها.
(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٧٩)
(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) قال الأخفش: «ما» بمعنى الذي ، وقيل : هو شرط. والصواب قول الأخفش لأنه نزل في شيء بعينه من الجدب وليس هذا من المعاصي في شيء ولو كان منها لكان وما أصبت من سيئة وروى مجاهد عن ابن عباس «ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك» وأنا كتبتها عليك وهذه قراءة على التفسير. (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) مصدر مؤكّد ، ويجوز أن يكون المعنى ذا رسالة. (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) على البيان.
(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٨١)
(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ) أي أمرنا طاعة أو منّا طاعة. قال الأخفش : ويجوز طاعة بالنصب أي نطيع طاعة. (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) فذكّر الطائفة لأنها في المعنى رجال ، وأدغم الكوفيون التاء في الطاء لأنهما من مخرج واحد ، واستقبح ذلك الكسائي في الفعل ، وهو عند البصريين غير قبيح ، وهي قراءة أبي عمرو (٣). (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أمر أي ثق به. (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي ناصرا لك على عدوك وموثوقا به.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ١ / ٢٧٨.
(٢) محمد بن سعدان النحوي ، أبو جعفر الضرير ، من أصحاب القراء. كان أحد القراء بقراءة حمزة (ت ٢٣١ ه). ترجمته في (طبقات الزبيدي ١٥٣).
(٣) انظر تيسير الداني ٨٣.