على سفر وقد قمتم إلى الصلاة محدثين فتيمّموا صعيدا طيبا وكذا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٦] معناه إذا قمتم محدثين. (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) في معناه ثلاثة أقوال : منها أن يكون لمستم جامعتم ومنها أن يكون لمستم باشرتم ومنها أن يكون لمستم يجمع الأمرين جميعا ولامستم بمعناه عند أكثر الناس إلّا أنه حكي عن محمد بن يزيد أنه قال : الأولى في اللغة أن يكون لامستم بمعنى قبّلتم أو نظيره لأن لكل واحد منهما فعلا فقال : ولمستم بمعنى غشيتم ومسستم وليس للمرأة في هذا فعل. (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا) أي يقبل العفو وهو السهل. (غَفُوراً) للذنوب. ومعنى غفر الله ذنبه ستر عنه عقوبته فلم يعاقبه.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) (٤٤)
(أَلَمْ تَرَ) حذفت الألف للجزم ، والأصل الهمز فحذفت استخفافا. (إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) في موضع نصب على الحال. (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) عطف عليه.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) (٤٥)
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ) روي عن الحسن وأبي عمرو أنهما أدغما الميم في الباء (١) ، ولا يجوز ذلك لأن في الميم غنّة فلو أدغمتها لذهبت. (وَكَفى بِاللهِ) الباء زائدة زيدت لأن المعنى اكتفوا بالله (وَلِيًّا) على البيان ، وإن شئت على الحال ، وكذا (وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً).
(مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) (٤٦)
(مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) وقرأ أبو عبد الرّحمن والنخعي يحرّفون الكلام عن مواضعه (٢). قال أبو جعفر : والكلم في هذا أولى لأنهم إنما يحرّفون كلم النبيّصلىاللهعليهوسلم أو ما عندهم في التوراة وليس يحرفون جميع الكلام. ومعنى يحرفون يتأولون على غير تأويله وذمهم الله جل وعز بذلك لأنهم يفعلونه متعمّدين. (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) نصب على الحال. قال أبو جعفر : وقد ذكرنا قول ابن عباس : معناه لا سمعت وشرحه اسمع لا سمعت. هذا مرادهم ويظهرون أنّهم يريدون اسمع غير
__________________
(١) انظر تيسير الداني ٨٠.
(٢) انظر مختصر ابن خالويه ٢٦ ، وهي قراءة علي بن أبي طالب أيضا.