مِنْكُمْ) ولا يجوز أن تكون اللاتي إلّا النساء. (فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ). قال أبو جعفر : قد بيّنا أن هذا منسوخ فإنّ المرأة كانت إذا زنت حبست فنسخ ذلك بحديث النبي صلىاللهعليهوسلم «قد جعل الله لهنّ سبيلا» (١) ولو لا الحديث لكان الحبس واجبا مع الضرب ونسخ عن الزانية المحصنة الحبس بالرّجم ، والرجم سنّة فقد نسخ القرآن الحديث بلا مدفع.
(وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١٦)
(وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) الأولى أن يكون هذا للرجلين فأما أن يكون للرجل والمرأة على أن يغلّب المذكر على المؤنث فبعيد لأنه لا يخرج الشيء إلى المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة. وزعم قوم أنّ قوله (فَآذُوهُما) منسوخ وقيل ، وهو أولى : إنه ليس بمنسوخ وإنه واجب أن يؤذيا بالتوبيخ فيقال لهما : فجرتما وفسقتما وخالفتما أمر الله جلّ وعزّ.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١٧)
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) قيل : هذا لكل من عمل ذنبا ، وقيل : هذا لمن جهل فقط والتوبة لكلّ من عمل ذنبا في موضع آخر.
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٨)
قال أبو جعفر : الآية مشكلة والإعراب يبيّن معناها فقوله جلّ وعزّ (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) عطف على الذين يعملون السيئات. وفي معناه ثلاثة أقوال : فأكثر الناس على أن معنى السيئات هاهنا لما دون الكفر أي ليست التوبة لمن عمل دون الكفر من السيئات ثم تاب عند الموت ولا لمن مات كافرا فتاب يوم القيامة ، ويجوز أن يكون معنى «ولا الذين يموتون» ولا الذين يقاربون الموت ، وقيل : الذين يعملون السيئات الكفار وغيرهم ثم خصّ الكفار كما قال جلّ وعزّ (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [الرّحمن : ٦٨] وقول ثالث يكون الذين يعملون السيئات الكفار فيكون المعنى وليست التوبة للكفار الذين يتوبون عند الموت ولا الذين يموتون وهم كفار.
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده ٥ / ٣١٣ ، ومسلم في صحيحه الحدود ١٢ ، ١٣ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٨ / ٢١٠ ، وابن كثير في تفسيره ٢ / ٢٠٤ ، والطبري في تفسيره ٤ / ١٩٨.