غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١٥٦)
(غُزًّى) جمع غاز مثل صائم وصوّم ، ويقال : غزّاء كما يقال : صوّام ، ويقال : غزاة وغزيّ كما قال : [الكامل]
٨٦ ـ قل للقوافل والغزيّ إذا غزوا (١)
وروي عن الزهري أنه قرأ (غُزًّى) بالتخفيف (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) فيه قولان أحدهما أنّ المعنى أنّ الله جلّ وعزّ جعل ظنّهم أن إخوانهم لو قعدوا عندهم ولم يخرجوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم ما قتلوا ، والقول الآخر أنهم لما قالوا هذا لم يلتفت المؤمنون إلى قولهم فكان ذلك حسرة. (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي يقدر على أن يحيي من خرج إلى القتال ويميت من أقام في أهله.
(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (١٥٧)
(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ) قال عيسى أهل الحجاز يقولون : متّم وسفلى مضر يقولون : متّم بضم الميم. قال أبو جعفر : قول سيبويه (٢) إنه شاذ جاء على متّ يموت ومثله عنده فضل يفضل وأما الكوفيون فقالوا من قال : متّ قال : يمات مثل خفت تخاف ومن قال : متّ قال يموت ، وهذا قول حسن وجواب «أو» (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) وهو محمول على المعنى لأن معنى ولئن قتلتم في سبيل الله أو متّم ليغفرنّ لكم.
(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (١٥٨)
(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) فوعظهم بهذا أي لا تفرّوا من القتال ومما أمرتكم به وفرّوا من عقاب الله فإنكم إليه تحشرون لا يملك لكم أحد ضرّا ولا نفعا غيره.
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (١٥٩)
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) «ما» زائدة وخفضت (رَحْمَةٍ) بالباء ويجوز أن تكون «ما»
__________________
(١) الشاهد لزياد الأعجم في ديوانه ص ٥٣ ، ولسان العرب (غزا) ، وتهذيب اللغة ٨ / ١٦٣ ، وذيل الأمالي ٢ / ٨ ، والحماسة البصرية ١ / ٢٠٦ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤ ، وللصلتان العبدي في أمالي المرتضى ٢ / ١٩٩ ، وبلا نسبة في كتاب العين ٤ / ٤٣٤ ، وعجزه :
«والباكرين وللمجدّ الرّائح»
(٢) انظر الكتاب ٤ / ٤٨٦.