وعيسى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) وهما لغتان. (مَثْوَى الظَّالِمِينَ) رفع بئس.
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (١٥٢)
ويجوز (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ) مدغما وكذا (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ). (وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة أي منكم من يريد الغنيمة بقتاله ومنكم من يريد الآخرة بقتال. (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) في هذه الآية غموض في العربية وذاك أن قوله جلّ وعزّ (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) ليس بمخاطبة للذين عصوا وإنما هو مخاطبة للمؤمنين ، وذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أمرهم أن ينصرفوا إلى ناحية الجبل ليتحرّزوا إذ كان ليس فيهم فضل للقتال. (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) للعاصين خاصة وهم الرماة وهذا في يوم أحد كانت الغلبة بدئا للمؤمنين حتى قتلوا صاحب راية المشركين فذلك قول الله تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) فلمّا عصى الرماة النبي صلىاللهعليهوسلم وشغلوا بالغنيمة صارت الهزيمة عليهم ثم عفا الله عنهم ونظير هذا من المضمر (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) [التوبة : ٤٠] أي على أبي بكر الصدّيق قلق حتّى تبين له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسكن (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) [التوبة : ٤٠] للنبي صلىاللهعليهوسلم.
(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٥٣)
(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) وقرأ الحسن ولا تلون (١) بواو واحدة وقد ذكرنا نظيره (٢) ، وروى أبو يوسف الأعشى عن أبي بكر بن عيّاش عن عاصم ولا تلوون بضم التاء وهي لغة شاذة. (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) لمّا صاح صائح يوم أحد قتل محمد صلىاللهعليهوسلم زال غمّهم بما أصابهم من القتل والجراح لغلط ما وقعوا فيه ، وقيل : وقفهم الله جلّ وعزّ على ذنبهم فشغلوا بذلك عما أصابهم وقيل فأثابكم أن غمّ الكفار كما غموكم لكيلا تحزنوا بما أصابكم دونهم.
(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ
__________________
(١) انظر مختصر ابن خالويه ٢٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٨٩.
(٢) انظر إعراب الآية ٧٨ ـ آل عمران.