(لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ) جزما على التي وكسرت الذّال لالتقاء الساكنين. قال الكسائي : ويجوز (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ) بالرفع على الخبر كما يقال : ينبغي أن تفعل ذلك. (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) شرط وجوابه أي فليس من أولياء الله مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢]. (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) مصدر وكذا تقيّة والأصل الواو (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) قال أبو إسحاق : أي ويحذّركم الله إيّاه ثم استغنوا عن ذلك بذا وصار المستعمل. قال : وأما (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) [المائدة: ١١٦] فمعناه تعلم ما عندي وما في حقيقتي ولا أعلم ما عندك ولا ما في حقيقتك ، وقال غيره : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) أي عقابه مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ، وقال (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) أي مغيّبي فجعلت النفس في موضع الإضمار لأنه فيها يكون (وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) على الازدواج.
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٣٠)
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً يَوْمَ) نصب بتقدير : ويحذّركم الله نفسه يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا ، ويجوز أن يكون التقدير : وإلى الله المصير يوم تجد كل نفس (ما عَمِلَتْ) مفعول. (مُحْضَراً) حال. (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) معطوف على «ما» الأولى ولو كانت «ما» منقطعة من الأولى على أن تكون شرطا وتعطف جملة على جملة لم يجز إلّا أن تجزم تودّ ولا نعلم أحدا قرأ به وإن كان جائزا في النحو. (أَمَداً) اسم أنّ. (بَيْنَها) ظرف. (بَعِيداً) من نعته. (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ابتداء وخبر.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣١)
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ) شرط. (تُحِبُّونَ) خبر كنتم. (فَاتَّبِعُونِي) أمر والفاء وما بعدها جواب الشرط. (يُحْبِبْكُمُ اللهُ) جواب الأمر وفيه معنى المجازاة والمحبة من الله جلّ وعزّ الثناء والثواب وروي أنّ المسلمين قالوا : يا رسول الله إنّنا لنحبّ ربّنا فأنزل الله عزوجل (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) وعنه صلىاللهعليهوسلم : «من أراد أن يحبّه الله فعليه بصدق الحديث وأداء الأمانة وأن لا يؤذي جاره» (١) وقرأ أبو رجاء العطارديّ (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٢) بفتح الياء. قال الكسائي : يقال : يحبّ وتحبّ واحبّ ، ويحبّ بكسر الياء وتحبّ ونحبّ وإحبّ قال : وهذه لغة بعض قيس يعني الكسر قال : والفتح لغة تميم
__________________
(١) ذكره القرطبي في تفسيره ٤ / ٦١ ، والطبري في تفسيره ٣ / ٢٢٣.
(٢) انظر مختصر ابن خالويه ٢٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٤٨.