واحد لأن قولنا بدلا لا يصح إلا والمحل واحد والجملة واحدة.
فما يتضاد على المحل فكالألوان والألوان وما يتضاد على الحسن فكالارادة والكراهة ، لأن أحدنا لو فعل إرادة في جزء من قلبه لكانت بدلا من ضدها من الكراهة ، وتركا لها وإن كانت في محل آخر من اجزاء القلب ، ولا اعتبار بان تكون القدرة واحدة على الترك ، والمتروك. لأنا قلنا ما ابتدئ بالقدرة ولم نقل بقدرة واحدة. لأن القدرة التي يفعل بها الإرادة في جزء من قلبه غير القدرة التي يفعل بها الكراهة في جزء آخر من القلب ، وإن كانت الإرادة تركا للكراهة.
وعلى هذا التقدير لا يدخل الترك في أفعال الله لأنا شرطنا فيه الابتداء بالقدرة ، ولا يدخل أيضا فيه المتولدات لأنا شرطنا في الترك والمتروك ان يكونا مبتدءين. ويدل أيضا على أن الاخلال بالواجب يستحق به الذم ان العقلاء يذمون من لم يفعل الواجب من التمكن وإن لم يعلموا أنه فعل تركا فيجب ان يكون ذلك كافيا في حسن الذم لأن العلم بحسن الشيء أو قبحه تابع للعلم بماله حسن أو قبح جملة أو تفصيلا. فلو لا أن كونه غير راد الوديعة جهة يستحق بها الذم لما حسن ذمه عند العلم بما ذكرنا (١) ، ولوجب ان نكون عالمين بحسن الذم وإن لم نعلم جهته ، وذلك باطل.
تبيين (٢) ذلك : انا إذا علمناه فاعلا لقبيح ، وجد وجه يستحق
__________________
(١) أ : ذكره.
(٢) ح : نبين.