أن اشتراك الكل فى الكذب غير ممتنع البتة. واذا ثبت هذا كان القطع بأن ذلك الجائز لم يقع: خطأ وبعيدا (٣).
الشبهة الثالثة : انه لما ثبت أن الكذب جائز على كل واحد منهم حال الانفراد ، وثبت أن الاجتماع فى المائة والمائتين غير رافع لذلك الجواز ـ وأنتم المستدلون ـ فعليكم أن تذكروا واحدا معينا ، وتذكروا أن انتهاء الاجتماع الى ذلك الحد المعين : مانع من الكذب ، لكنكم أنتم مطالبون باقامة البرهان على ذلك. وأما نحن فتكفينا المطالبة. لأنا نحن السائلون ، وأنتم المستدلون.
فهذه هى الشبهات التى تمسك بها من طعن فى التواتر على الاطلاق.
* * *
المقام الثانى ـ الذين يسلمون صحة القسم الأول من التواتر ، وينازعون فى القسم الثانى. ويقولون لم قلتم : ان القسم الثانى يفيد العلم ، وأنتم فى مسألة النبوة ، انما تعولون على هذا القسم الثانى؟ ـ تمسكوا فى الطعن فى هذا القسم خاصة بوجوه من الشبه :
الشبهة الأولى : ان العلم بصفة الشيء مشروط بالعلم بذات ذلك الشيء. وهذه المقدمة يقينية.
اذا عرفت هذا فنقول : ما لم نعلم أن جميع الطبقات التى بيننا وبين الطبقة الذين شاهدوا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا موصوفين بالصفات المعتبرة فى كون التواتر مفيدا للعلم ، لم يمكنا القطع بصحة هذا التواتر ، لكن العلم بكون هذه الطبقات المتوسطة موصوفين بصفات التواتر : علم بصفة من صفاتهم. وقد ثبت أن العلم
__________________
(٣) وتغيرا : ا