__________________
ـ وأخفوا عن الناس بعضا. وهذا الّذي تعمدوا اظهاره واخفاءه يمكن أن نقسمه الى قسمين.
القسم الأول : لبس الحق بالباطل. أى أنهم يذكرون النص الأصلي ، ثم يضيفون كلمة أو كلاما. أو يحذفون. للايهام وغموض المعنى (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) [البقرة ٤٢]
القسم الثانى : تحريف الكلم من بعد مواضعه. أى وضع كلمة تحتمل معنيين (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ ، وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) [المائدة ٤١].
ولقد غيرت التوراة الأصلية فى «بابل» على هذا النحو ، واستقرت من بعد «بابل» على وضعها الحالى. وانتشرت فى العالم ، ولذلك صعب على اليهود تحريفها لفظيا. ولجئوا الى نوع من التحريف عجيب. وهو تحريف الكلم عن مواضعه بالتأويلات الفاسدة (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [النساء ٤٦] ونورد هنا مثالا للايضاح والبيان : طلبه الله من موسى عليهالسلام أن يجمع بنى اسرائيل ناحية جبل الطور ليسمعوا صوت الله وهو يتكلم مع موسى فيخشون الله ويهابونه الى الأبد «قال لى الرب : اجمع لى الشعب فأسمعهم كلامى لكى يتعلموا أن يخافونى كل الأيام التى هم فيها أحياء على الأرض. ويعلموا أولادهم. فتقدمتم ووقفتم فى أسفل الجبل ، والجبل يضطرم بالنار الى كبد السماء بظلام وسحاب وضباب ، فكلمكم الرب من وسط النار ، وأنتم سامعون صوت كلام ، ولكن لم تروا صورة بل صوتا» [تثنية ٤ : ١٠ ـ ١٢] لكن بنى اسرائيل طلبوا من موسى أن يكلم الله أن لا يحدث هذا المنظر الرهيب مرة أخرى ، بل اذا أراد مخاطبتهم يخاطبهم عن طريق موسى. وهم منه يسمعون فوعدهم الله بنبي يأتى من بعد موسى فى هذا النص :
(يقيم لك الرب إلهك : نبيا. من وسطك. من اخوتك. مثلى. له تسمعون. حسب كل ما طلبت من الرب إلهك فى حوريب يوم الاجتماع ـ