الدليل عليه : أن الخط متناه بالفعل. واذا كان متناهيا بالفعل ، كانت نهايته موجودة بالفعل. ولا معنى للنقطة الا نهاية الخط. فثبت : أن النقطة موجودة بالفعل.
فان قيل : نهاية الشيء عبارة عن انقطاعه ، وانقطاع الشيء عبارة عن أنه فنى وما بقى منه شيء البتة. وعدم الشيء كيف يكون أمرا موجودا؟
قلنا : نحن نعلم بالضرورة أن المقدارين اذا تماسا ، فانهما يتماسان بطرفيهما ، فلو كان طرف الشيء نفس العدم ، لكان معنى المماسة ، هو أن عدم هذا مماس لعدم ذاك. وهذا غير معقول. فعلمنا : أن طرف الشيء يستحيل أن يكون نفس العدم.
وأما المطلوب الثانى ـ وهو أن النقطة شيء مشار إليه ـ فذلك ظاهر ، لأنه يمكننا أن نشير بالحس الى طرف الخط.
وأما المطلوب الثالث ـ وهو ان النقطة غير قابلة للقسمة ـ فالذى يدل عليه : أنها لو انقسمت لافترض فيها جزءان ، وحينئذ يكون طرف الخط ، هو القسم الثانى فقط ، وحينئذ لا يكون الطرف طرفا. هذا خلف.
فالحاصل : أن كل ما كان منقسما ، لم يكن كله طرفا ، وكل ما كان كله طرفا ، لم يكن منقسما. والنقطة عبارة عن نفس الطرف ، فوجب أن لا تكون منقسمة ولما ثبت بالبرهان هذه المطالب الثلاثة ظهر أن النقطة موجودة مشار إليها ، غير منقسمة.
واذا ثبت هذا ، فنقول : هذا الشيء اما أن يكون جوهرا ، واما أن يكون عرضا. لا جائز أن يكون عرضا. والا لافتقر الى محل. ومحله ان كان منقسما لزم انقسامه بانقسام محله. وذلك محال. وان لم يكن منقسما عاد التقسيم فيه. وهو أنه اما أن يكون جوهرا أو عرضا. ويلزم