أما الفلاسفة المنكرون لصحة المعاد الجسمانى ، فقد احتجوا بوجوه :
الأول : ان حشر الأجساد لا يتم الا مع القول بصحة اعادة المعدوم. وهذا محال ، فذلك محال.
اما المقدمة الأولى : فقد بينا فيما تقدم أنا سواء قلنا انه تعالى يعدم الأجزاء ثم يعيدها ، أو قلنا : انه تعالى يفرقها ثم يركبها ، فانه لا بد من القول بصحة اعادة المعدوم.
وأما المقدمة الثانية : وهى أن اعادة المعدوم ممتنعة ، فقد سبقت حكاية شبهاتهم فيها.
الثانى : اذا قتل انسان ، وأكله انسان آخر ، فقد صارت أجزاء بدن المقتول أجزاء بدن هذا الّذي أكله ، لأن من أكل شيئا واغتذى به ، فقد صارت أجزاء الغذاء ، أجزاء بدن المغتذى. فيوم القيامة لا بد أن ترد تلك الأجزاء الى بدن أحد هذين الشخصين ، فلا بد أن يضيع الثانى فعلمنا أن القول بحشر الأجسام محال.
الثالث : انه تعالى اذا أعاد بدن شخص ، فاما أن يعيد هذه الأجزاء التى كانت موجودة وقت الموت ، أو يعيده جملة الأجزاء التى كانت أجزاء له ، فى جميع مدة الحياة. والأول يقتضي أن يعاد الأعمى والأقطع والمجذوم على هذه الصورة. وذلك باطل بالاتفاق والثانى أيضا باطل. لأن حشر هذا الانسان اذا كان وقت اسلامه سمينا ، ثم كفر وصار هزيلا ، فاذا حشر هذا الانسان سمينا وعذب فى النار ، لزم وصول العذاب الى تلك الأجزاء التى كانت موصوفة بصفة الاسلام. وذلك ظلم. وعلى العكس من هذا لو كان كافرا سمينا ، ثم أسلم فصار هزيلا ، لزم ايصال الثواب الى الأجزاء الكافرة (٧) وهو محال.
__________________
(٧) أجزاء الكافر : ب