تحركت البقة أو
النملة ، أن يتحرك جملة عالم الأجسام وذلك محال. فثبت : أن القول بعدم الخلاء يفضى الى أقسام
باطلة ، فيكون القول بعدم الخلاء باطلا ، فيكون القول بالخلاء حقا.
فان قيل : فعلى هذا التقدير يلزمكم أن تقولوا : اذا تحركت الذرة فى
قعر البحر المحيط ، ان تندفع كلية ذلك البحر ، أو تثبتا فى داخل الماء أحيازا
خالية. وذلك بعيد. لأن الماء جرم ثقيل سيال ، واذا وجد موضعا خاليا ، سال إليه
بالطبع. قلنا : اثبات الخلاء داخل ماء البحر غير بعيد ـ على قولنا ـ لأن عندنا
خالق العالم فاعل مختار. ولا يبعد أن يمنع أجرام الماء عن السيلان الى تلك الأحياز
الفارغة.
الا أن لقائل أن
يقول : لم لا يجوز أن يقال : العالم كله ملاء الا أن الجسم اذا انتقل من مكان الى
مكان. فان الفاعل المختار يعدم الجسم الّذي كان حاصلا فى المكان المنتقل إليه ،
ويخلق جسما فى المكان المستقل عنه. وعلى هذا التقدير يسقط دليلكم.
الحجة الثانية فى اثبات الخلاء : انا اذا فرضنا سطحين مستويين ، انطبق أحدهما بتمامه على
الآخر ، ثم اذا فرضنا ارتفاع حدهما عن الآخر دفعة. فعند هذا يلزم القطع بحصول
الخلاء فيما بين ذينك الجسمين. وهاهنا مقدمات :
المقدمة الأولى : انه يمكن فرض سطحين مستويين من كل الوجوه. ويدل على امكانه:
أن عدم الاستواء فى السطح. اما أن يكون بسبب اختلاف أجزائه فى الارتفاع والانخفاض
، أو بسبب حصول المسام فيه. أما الأول فلا بد وأن يكون بسبب سطوح صغار يتصل بعضها
ببعض ،
__________________