كانوا على الخطأ ، وعند الخصم كانوا على الكفر. وعلى التقديرين فلا يليق بهم قوله تعالى : (فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً ، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ، يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) (الفتح ١٦)
ولما بطلت هذه الأقسام لم يبق الا أن يكون المراد به : أحد الخلفاء الثلاثة ـ أعنى أبا بكر وعمر وعثمان ـ وعلى هذا التقدير تكون الآية دالة على صحة خلافة أحد هؤلاء الثلاثة. ومتى صحت خلافة أحدهم ، صحت خلافة الكل ضرورة أنه لا قائل بالفرق.
الحجة الثالثة : لو كانت خلافة أبى بكر باطلة ، لما كان ممدوحا معظما عند الله تعالى. وقد كان كذلك ، فوجب القطع بصحة خلافته.
أما الملازمة فظاهرة. والخصم موافق عليه.
وانما قلنا بأنه ممدوح من عند الله لوجوه :
أحدها : قوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (الفتح ١٨) وهو ممن كان بايع تحت الشجرة ، فوجب أن يكون ممن رضى الله عنه.
وثانيها : قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ ، وَالْأَنْصارِ ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ. رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (التوبة ١٠٠ الآية). ولا شك أنه كان من السابقين الأولين. فانا وان اختلفنا فى أنه هل كان ايمانه قبل ايمان الكل؟ الا أن لفظ «السابقين» يفيد كل من كان له سبق فى الدين. ولو لا أن المراد ذلك ، والا لما دخل فيه الأنصار. واذا ثبت أنه من السابقين ، وجب أن يدخل تحت قوله : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)
وثالثها : قوله تعالى : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى. وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ، إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى. وَلَسَوْفَ يَرْضى) (الليل ١٧ ـ ٢١)
فنقول : اتفق الأكثرون من أهل التفسير على أن المراد من هذه الآية هو أبو بكر. ونحن مع هذا نقيم الدلالة عليه.