والثانى : ان الاستثناء من العدد يخرج من الكلام ما لولاه لدخل ، فوجب أن يكون حكم الاستثناء فى جميع المواضع كذلك ، دفعا للاشتراك.
والثالث : انه تعارض النقل فى هذه المسألة. فقال بعض أهل اللغة : «الاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لصح» وقال آخرون : «انه يخرج من الكلام ما لولاه لوجب» ولما حصل التعارض وجب التوفيق ، فنقول : الصحة من لوازم الوقوع. ولا ينعكس. فلو جعلناه حقيقة فى الوقوع أمكن جعله مجازا عن الصحة ، لحصول الملازمة. وأما لو جعلناه حقيقة فى الصحة ، لا يمكن جعله مجازا عن الوقوع ، لعدم الملازمة. فكان جعله حقيقة ، أولى فى الوقوع. فثبت : أن حكم الاستثناء اخراج ما لولاه لدخل. وعند هذا يتم الدليل.
الدليل الثانى (١) على أن صيغة «ما» و«من» فى معرض الشرط ، يفيدان العموم: أنه لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، حَصَبُ جَهَنَّمَ) (الأنبياء ٩٨) قال ابن الزبعرى : «لأخصمن محمدا» ثم قال : «يا محمد أليس قد عبدت الملائكة؟ أليس قد عبد عيسى؟»
وجه الاستدلال به : أنه تمسك بعموم اللفظ. والرسول عليهالسلام ما أنكر عليه فى ذلك. فدل هذا على أن هذه الصيغة للعموم.
* * *
والقسم الثانى من أقسام صيغ العموم من الآيات التى تمسك بها المعتزلة فى الوعيد ، صيغة الجمع المحلاة بحرف التعريف.
الحجة الأولى : قوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي
__________________
(١) الحجة الثانية : ص واعلم : أن رواية ابن الزبعرى هى من روايات الآحاد. والاشكال عليها : هو أن الملائكة وعيسى ـ عليهمالسلام ـ لم يعبدوا برضاهم ، حتى يشملهم الوعيد. كما يشمل الذين أمروا الناس بعبادتهم ورضوا بها. وما ذنب انسان فى ن غيره ألصق به ، ما ليس فيه؟