عالم الملائكة أشرف ، لم يكن اتصال الأرواح البشرية بهم سببا لسعادة هذه الأرواح البشرية.
الحجة العشرون : الملائكة مبرءون عن الشهوة والغضب والخبال والوهم. وهذه الصفات هى الحجب القوية عن تجلى أنوار الله تعالى. ولا كمال الا بحصول ذلك التجلى ، ولا نقصان ألا بحصول ذلك الحجاب. ولما كان هذا التجلى لهم ، حاصلا أبدا ـ وفى أكثر الأوقات تكون الأرواح البشرية محجوبة عن ذلك التجلى ـ علمنا : أنه لا نسبة لكمالهم الى الكمالات البشرية. والّذي يقال : أن الخدمة مع كثرة العوائق ، أدل على الاخلاص من الخدمة بدون العوائق : كلام خيالى ، لأن المقصود من جملة العبادات والطاعات ، حصول ذلك التجلى. فأى موضع كان حصول ذلك التجلى فيه أكثر ، وعن المعاوق أبعد ، كان الكمال والسعادة أتم.
ولهذا قال فى صفة الملائكة : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (الأنبياء ٢٠) وقال عليهالسلام : «انه ليغان على قلبى ، وانى لأستغفر الله فى اليوم والليلة سبعين مرة».
الحجة الحادية والعشرون : الروحانيات فضلت على الجسمانيات من وجوه :
أحدها : انها نورانية علوية ، والجسمانية ظلمانية سفلية.
وثانيها : ان علومها أتم. وذلك لأن الحكماء زعموا : (٧) أن الروحانيون السماويون مطلعون على أسرار المغيبات ، وناظرون فى اللوح المحفوظ أبدا ، وعالمون بكل ما سيوجد فى المستقبل ، وبكل ما وجد فى الماضى.
وثالثها : ان علومهم فعلية كلية دائمة ، وعلوم البشر ناقصة انفعالية منقطعة.
__________________
(٧) زعموا : ان الروحانيات السماوية مطلعون ... الخ : الأصل من ا ـ برهنوا على أن الروحانيات ... الخ : ب